حبل الله
عقم الزوج

عقم الزوج

السؤال: تزوجت قبل خمس سنوات ولم أنجب حتى الآن وأرغب جدا بأن يرزقني الله تعالى الذرية الصالحة لكن زوجي عقيم لا ينجب حسب ما أفاده الأطباء، هل يجوز لي أن أطلب الطلاق منه رغم أنه صاحب خلق ودين.

 الجواب: يقول الله تعالى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (سورة الشورى 49 – 50)

العقم ليس عيبا حسب نص الآية وهو خارج عن دائرة المسؤولية للإنسان. ولذلك ليس أمامك سوى الإفتداء وهو حق لكل امرأة ترغب عن زوجها. والإفتداء هو أن تعيد المرأة إلى زوجها قدر ما اتفقا عليه من بعض مهرها ولا يزيد على ما أخذته منه من صَداق إذا قررت الفراق.

إذا رغبت المرأة عن زوجها لأي سبب كان فلها حق الإفتداء، قال الله تعالى: «وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» (البقرة، 2/229).

إنّ الحكمة من تشريع الإفتداء هو خوف المرأة من أن لا تقيم حدود الله لو بقيت تحت نكاح زوجها. وفي هذه الحالة تخبر ولي أمرها، فإن رأى الولي صواب رأيها أذن لها في الإفتداء. وإذا قررت الفراق أعادت إلى زوجها قدر ما اتفقا عليه من بعض مهرها ولا يزيد على ما أخذته منه من صَداق. لقوله تعالى في الآية السابقة: «مما آتيتموهن». ويجوز أن يقرر المقدار ولي الأمر. وفي حالة عدم تقصير الزوج في حقها لابد مِن أن تعيد إليه كلَّ ما أخذته منه.

ويراد بولي الأمر المحكمة، أو الحكم المعين من قبل المَحكمة، فإن لم تكن هناك محكمة فالحَكم يقوم مقامها. وفيما يلي نرى مثالا على ما قلناه.

عن حبيبة بنت سهل الأنصاريِّ أنها كانت تحت ثابتِ بنِ قَيسِ بنِ شَمّاسٍ وأنَّ رسولَ الله خرجَ إلى الصُبح فوجدَ حبيبةَ بنتَ سهلٍ عند بابه في الغَلَسِ، فقال لها رسول الله: «من هذه»؟ فقالت: أنا حبيبةُ بنتُ سهلٍ يا رسولَ الله! قال: «ما شأنك»؟ قالت: “لا أريد أن أكون مع ثابتِ بنِ قيس”. فلما جاء زوجُها ثابتُ بنُ قَيسٍ قال له رسولُ الله: «هذه حبيبةُ بنتُ سهل، قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر». فقالت حَبيبةُ: يا رسولَ الله! كلُّ ما أعطاني عندي. فقال رسولُ الله لثابتِ بنِ قيس: «خذ منها»، فأَخَذَ منها، وجَلَسَتْ في بيت أهلها.[1]

وفي رواية عن ابن عباس أن امرأةَ ثابت بن قيس أتَت النبيَّ فقالت: يا رسول الله! ثابتُ بنُ قيس؛ ما أَعتِبُ عليه في خُلُقٍ ولا دينٍ، ولكنِّي أَكرَه الكفرَ في الإسلام. لا أُطِيقُه.[2] لا أطيقه بُغضًا.[3] لَولاَ مخافةُ الله إذا دَخَلَ عليَّ لَبَصَقتُ في وجهه.[4]

وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاءت إليه امرأةٌ تَشتكي زوجَها، فحُبست في بيتٍ فيه زِبْلٌ فباتتْ فيه، فلمّا أصبحت بَعَث إليها فقال: «كيف بتِّ الليلةَ»؟ فقالت: «ما بِتُّ ليلةً كُنتُ فيها أقَرَّ عينًا مِن الليلة». فسَأَلها عن زوجها فأَثنَتْ عليه خيرًا، وقالت: «إنه وإنه، ولكن لا أَملكُ غيرَ هذا». فأَذِنَ لها عمرُ في الفِداء.[5]

وخلاصة القول؛ إن القرآن الكريم جعل للمرأة حقا في إنهاء الحياة الزوجية إذا شاءت وبَيَّنَه رسولُ الله بأقواله وتطبيقاته.

المزيد من المعلومات على الرابط   http://www.hablullah.com/?p=1475



[1]
الموطأ، كتاب الطلاق، 11 (31).

[2] البخاري، الطلاق، 12 (5273-52-75).

[3] ابن ماجة، الطلاق 22 (2056).

[4] ابن ماجة، الطلاق 22 (2057).

[5] المدونة الكبرى لمالك بن أنس، 2/341، دار الصدر، بيروت.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.