حبل الله
الجلوس على الكرسي في الصلاة

الجلوس على الكرسي في الصلاة

السؤال: أنا أعمل في البناء وفي نهاية اليوم وذهابي للبيت والاغتسال لا أقوى على تحريك ظهري من الألم. هل يجوز لي الصلاة على الكرسي ؟ وشكرا
الجواب: القيام في صلاة الفريضة ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا به مع القدرة عليه لقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (البقرة، 238).
فمن استطاع القيام فعليه فعله، ثم يركع إن استطاع، ثم يجلس على كرسيه للسجود، فيومئ به حيث عجز عن السجود، لحديث عمران -رضي الله عنه- حين سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صلاته من بواسير به فقال (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب)[1].
وإن ثقل عليه القيام والركوع والسجود فله الجلوس على الكرسي، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه. ومن المعلوم أن رفع الحرج من الأصول المقررة لقوله تعالى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (البقرة، 286) ولقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (التغابن،61)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)[2] . وغير ذلك من النصوص.
ومما يدل على جواز صلاة الفريضة قاعداً عند العجز عن القيام قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (ركب فرساً فصرع عنه فجحش- أي جرح – شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد …)[3]
وعن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى كان كثير من صلاته وهو جالس)[4]
وحد المرض الذي يبيح الصلاة جالسا يحدده المريض نفسه، فليس له أن يصلي قاعدا إلا إذا جلب له القيام مشقة تذهب بخشوعه أو بعضه؛ لأن الخشوع مقصود في الصلاة.
ويجدر أن نذكر أنه يجوز الصلاة جالسا في صلاة النافلة حتى لو كان المصلي سليما ولكن بنقصان أجره. ويدل على ذلك ما ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى قائماً فهو أفضل ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم)[5]. ولما سئلت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تطوعه فقالت (…وكان يصلي ليلاً طويلاً قائماً وليلاً طويلاً قاعداً وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم وإذا قرأ قاعداً ركع وسجد وهو قاعد) رواه مسلم. وهناك أحاديث صحيحة أخرى تؤيد ذلك.
خلاصة الأمر: تبين لنا أن القيام في الفريضة ركن، لا يجوز التفريط فيه إلا عند تعذر أدائه أو صعوبته التي تذهب بالخشوع، بينما في صلاة السنة القيام مندوب إليه يجوز تفويته حتى للقادر عليه مع نقصان الأجر.


[1]رواه البخاري (1117) وغيره

[2]رواه البخاري، باب الاقتداء بسنن رسول الله، رقم 7288 . ومسلم في الحج باب فرض الحج مرة في العمر. وفي الفضائل باب توقيره صلى الله عليه وسلم وترك إكثار سؤاله مما لا ضرورة إليه . رقم 1337

[3]رواه البخاري، باب انما جعل الامام ليؤتم به 689 ومسلم، باب ائتمام المأموم بالامام، 80 – (411).

[4]رواه مسلم، باب جواز النافلة قائما، 116 – (732)

[5]رواه البخاري، باب صلاة القاعد، رقم 1115

التعليقات

  • يعجبني عدم اكتفائكم بحرف الصاد بدلا عن صلى الله عليه وسلم في كتاباتكم وقد قال العلامة السخاوي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه (فتح المغيث في شرح ألفية الحديث) للعراقي ما نصه: ( واجتنب أيها الكاتب (الرمز لها) أي الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطك، بأن تقتصر منها على حرفين، ونحو ذلك، فتكون منقوصة صورة كما يفعله (الكسائي)، والجهلة من أبناء العجم غالباً، وعوام الطلبة، فيكتبون بدلاً من صلى الله عليه وسلم (ص) أو (صم) أو (صلعم)، فذلك لما فيه من نقص الأجر لنقص الكتاب خلاف الأولى).

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.