حبل الله
التصرف في مال الزوجة دون إذنها

التصرف في مال الزوجة دون إذنها

السؤال: أنا سيدة متزوجة وقد ورثت مبلغا من المال من والدي المتوفى، ويحاول زوجي أن يستولي على هذا المال. وبالفعل استطاع أن يصل الى هذا المبلغ وتصرف فيه ولست راضية ولم أوافق أبدا على طلبه وفعله. فهل يحق لي مطالبته بالمبلغ، أم له الحق فيما فعل بوصفه زوجي؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.

الجواب: للمرأة ذمة مالية مستقلة سواء كانت زوجة أو ابنة أو غير ذلك، وهي كالرجل تماما في ذلك. قال الله تعالى {فَإِنْ ءَانَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (النساء،6) والآية تشمل كل من بلغ الرشد ذكرا كان أو أنثى. والنص ظاهر في فك الحجر عنهم وإطلاقهم في التصرف. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن) وأنهن تصدقن فقبل صدقتهن ولم يسأل ولم يستفصل. وأتته زينب امرأة عبد الله، وامرأة أخرى اسمها زينب، فسألته عن الصدقة: هل يجزيهن أن يتصدقن على أزواجهن وأيتام لهن؟ فقال: نعم ولم يذكر لهن هذا الشرط، ولأن من وجب دفع ماله إليه لرشده جاز له التصرف فيه من غير إذن كالغلام، ولأن المرأة من أهل التصرف، ولا حق لزوجها في مالها فلم يملك الحجر عليها في التصرف بجميعه[1].

وبعد أن فرض الله تعالى المهر حقا للزوجة على زوجها حرم عليه أن يتصرف بشيء من مالها دون رضا منها، يقول الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (النساء الآية،4). ومن القواعد المقررة شرعاً أنه لا يجوز أخذ مال المسلم إلا بإذنه، ويدل على ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (النساء الآية،29). وتأكيدا لهذا يقول صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) [2].

 ويحذر النبي صلى الله عليه وسلم من أن تمتد يدٌ إلى ملك الغير دون الإذن المسبق بقوله (فلا يحلبن أحدٌ ماشية أحدٍ إلا بإذنه)[3]

وقد قرر الفقهاء أن من شروط صحة البيع أن يكون المبيع مملوكاً للبائع، لقوله صلى الله عليه وسلم (…ولا بيع إلا فيما تملك)[4].

بناء على ما سبق يتبن عدم جواز استيلاء الرجل على مال زوجته، ولها حق المطالبة، فإن كان تصرف بالمال فاشترى به متاعا فيحق لها فسخ البيع واسترجاع مالها أو إمضاء العقد الذي قام به زوجها ويصبح ما اشتراه حقا لها تتملكه كما لو اشترته بنفسها.


1] المغني 4/348-349

[2] رواه أحمد برقم 15488 والبيهقي في "السنن" 6/97 والطبراني والحاكم وابن حبان وصححاه.

[3] رواه البخاري، باب لا تحتلب ماشية أحد إلا بإذنه، رقم الحديث 2435 . وأخرجه مسلم ، باب تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها، رقم الحديث 1726

[4] رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم، وصححه الألباني في إرواء الغليل 6/173

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.