حبل الله
ختان الإناث

ختان الإناث

السؤال: تنتشر في بلادنا عادة ختان البنات. ويرى الناس هنا أنه عمل موافق للدين، وأن ترك هذه العادة يوجب الاثم. فما هو موقف الدين الصحيح منها؟ جزاكم الله خيرا.

الجواب: لا جدال بأن ختان الذكور من سنن الفطرة، وقد توهّم البعض أن ختان البنات سنة كذلك. والحقيقة أنه ليس بسنة، وقد ورد في ختان البنات أحاديث ضعيفة لا تقوى على إثبات مشروعيته، وهناك ثمة حديث صحيح يحتج به من قال بمشروعيته، ودلالة الحديث على المشروعية غير دقيقة، فقد جاء في صحيح مسلم: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل)[1]، وليس في الحديث دليل على المشروعية وإنما كنى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك بدلا من الفرج، وقد كان العرب يختتنون قبل الاسلام.

ثم إن الحكم المستخلص من هذا الحديث وهو وجوب الغسل من مجرد تماس الختانين مُعارض برواية للبخاري مفادها أن لا غسل إلا من الدفق والإنزال، فعن عَطَاء بْنَ يَسَارٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمْنِ قَالَ عُثْمَانُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ قَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ)[2]

وغرضي من إيراد الروايتين هو لبيان أنه لا يمكن أن تكون رواية مسلم حجة على مشروعية الختان بالنسبة للبنات؛ لضعف الدلالة أولا، ولمعارضتها رواية البخاري ثانيا.

نقل الشوكاني عن ابن المنذر قوله، (لَيْسَ فِي الْخِتَانِ خَبَرٌ يُرْجَعُ إلَيْهِ ، وَ لا سَنَدٌ يُتَّبَعُ )[3] . وليس من المعقول أن لا يكون ابن المنذر قد علم الأحاديث الصحيحة الواردة في الختان، وأنه من سنن الفطرة، ولذلك وجب أن يحمل كلامه على ختان الاناث، وأنه ليس ثمة خبر صحيح يدل على مشروعيته.

وليس من المعقول أن تدخل مشروعية ختان الاناث تحت النص العام بحجة أنه ليس ثمة مخصص لها. والمخصص للعام ليس منوطا بالنص مطلقا، فواقع الحال والنظر الى المآل معتبر مقصود شرعا، ثم إنه قد ورد من سنن الفطرة ما يخص الرجال دون النساء كقص الشارب مثلا، فواقع الحال يخرج المرأة من دلالة النص قطعا.

ويخشى أن يكون ختان الاناث من قبيل تغيير خلق الله تعالى الذي نصت الآيات على تحريمه. وقد يجاب على هذا بأنه لو كان من هذا القبيل لورد النص الشرعي بتحريمه. وهو اعتراض في محله، إلا أنه ربما يدخل تحت دلالة النص العام الذي يفيد منع التغيير في خلق الله تعالى.

ورب قائل يقول إذا كان الختان من قبيل تغيير خلق الله تعالى فلماذا شرع للذكور إذن؟

ونجيب على ذلك بأنه لا يصح التغيير إلا بنص، وقد ثبت النص بالنسبة لختان الذكور ولم يثبت بالنسبة للإناث.

وإن قيل إن ختان الإناث يقاس على ختان الذكور. قلنا هو قياس مع الفارق الكبير، إذ أن الختان للذكور ضروري للطهارة، بينما ليس كذلك للاناث، ثم إنه يخدم القدرة الجنسية عند الذكور بينما يهدمها أو يثبطها عند الإناث، ومن هنا ندرك مشرعيته للذكور وعدم مشروعيته بالنسبة للاناث.

لو نظرنا إلى الاماكن التي تجري فيها هذه العادة لوجدناها محصورة في بعض مناطق وادي النيل تقريبا، وتؤكد المصادر التاريخية أن ختان الاناث عادة فرعونية قديمة، استمرت بعد ظهور الاسلام لوجود بعض الافتاءات التي اعتمدت أحاديث ضعيفة في ذلك.

يتذرع بعض القائلين بالمشروعية بأنه يحافظ على شرف المرأة ويمنعها من الجنوح نحو الحرام، وهذا تبرير غير منطقي أبدا، وهو يشبه من يقطع يده ليمنع نفسه من السرقة، ثم إن أغلب بلاد المسلمين تخلو من هذه العادة، ولم نر فرقا بين أخلاقيات المرأة المسلمة في كل أقطار المسلمين، وأقصد طبعا أن اختتان البنات لا يؤثر في كونها عفيفة أو غير ذلك، فالإيمان وتقوى الله تعالى هو الكفيل بصلاح المرأة والرجل على حد سواء.


[1] صحيح مسلم، باب نسخ الماء من الماء، 526.

[2] صحيح البخاري، باب اذا التقى الختانان،283 ويضيف البخاي: قَالَ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[3] في نيل الأوطار : 1 / 138 . ونقل الحافظ عنه نحو ذلك في الفتح .

تعليق واحد

  • جاء في تقرير على الجزيرة نت بعنوان: الختان صحة للذكر وجريمة بحق الانثى ما يلي
    الختان هو إجراء جراحي يجرى للذكر يتم فيه إزاله القلفة، وهو الجلد الذي يغطي رأس القضيب، وله فوائد صحية مثبتة. أما بالنسبة للإناث فإن المنظمات الدولية -مثل منظمة الصحة العالمية- تسميه “تشويه الأعضاء التناسلية للإناث” (Female genital mutilation)، وهو يعد انتهاكا لحقوقها الإنسانية وله مخاطر صحية كبيرة عليها، سواء كان هذا التشويه جزئيا أو كليا.
    ويجرى الختان عادة خلال أيام بعد ولادة الطفل، وفي بعض الدول العربية يقوم بإجرائه شخص يسمى “المطهّر”، الذي يجب أن يكون حاصلا على ترخيص وتدريب للقيام بذلك. كما قد يجريه طبيب حاصل على تدريب في الختان.
    وبالنسب للذكور فإن الختان له فوائد صحية تشمل:
    تقليل مخاطر الإصابة بالتهابات المسالك البولية.
    تقليل احتمال سرطان القضيب.
    تقليل احتمال انتقال الأمراض الجنسية.
    تقليل احتمال انتقال فيروس “أتش آي في” المسبب لمتلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز) وذلك بنسبة تبلغ 60%، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. مع تأكيدها أن ذلك لا يعني أن الختان يحمي من انتقال الإيدز، بل يخفض مخاطره.
    وتؤكد المنظمة الأممية أن ختان الذكور يجب أن يتم من قبل أشخاص مؤهلين طبيا وضمن شروط التعقيم والوقاية من الأمراض والسلامة العامة.
    قتل للمرأة في حياتها
    أما بالنسبة للأنثى فإن منظمة الصحة العالمية تستخدم مصطلح “تشويه الأعضاء التناسلية للإناث” لوصف ما يطلق عليه البعض ختان الإناث. وهو يشمل القيام بأي إجراء لإحداث ضرر أو تشويه أو تغيير الأعضاء التناسلية الأنثوية لغايات غير طبية، حتى لو كان هذا التشويه جزئيا.

    وعملية تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية هي انتهاك لحقوق الإنسان للمرأة أو الفتاة. وبينما تؤكد منظمة الصحة العالمية على الفوائد الطبية لختان الذكور، تؤكد بالمقابل أنه لا توجد أية فوائد صحية على الإطلاق لهذا الإجراء للفتيات أو النساء، بل إن له عواقب صحية خطيرة تشمل مرحلتين، فورية وبعيدة المدى.
    المضاعفات الصحية التي تنتج عن ختان الأنثى (أو تشويه الأعضاء التناسلية للإناث) مباشرة:
    الألم الحاد.
    الصدمة.
    النزيف الحاد.
    الإصابة بالكزاز أو العدو الانتانية (Sepsis).
    حصر البول (احتباس البول).
    تقرحات في الأعضاء التناسلية.
    المضاعفات البعيدة المدى:
    التهابات المثانة والمسالك البولية المتكررة.
    تكون الأكياس لدى المرأة (Cysts).
    العقم.
    زيادة احتمال مضاعفات الولادة لدى الأم.
    زيادة احتمال وفيات المواليد.
    حقائق محزنة:
    هناك حاليا قرابة 149 مليون فتاة وامرأة في العالم تعشن مضاعفات خضوعهن لتشويه أعضائهن التناسلية.
    تشويه الأعضاء التناسلية يتم عادة على الإناث بين سن الرضاعة وعمر 15 عاما.
    في قارة أفريقيا يقدر أن 101 مليون فتاة يبلغن من العمر عشر سنوات أو أكثر قد تعرضن لعملية تشويه أعضائهن التناسلية.
    يتم القيام بهذا الإجراء لقناعة البعض بأنه وسيلة لتقليل شهوة المرأة وبالتالي جعلها أكثر عفة.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.