حبل الله
هدايا موظفي الدولة

هدايا موظفي الدولة

السؤال: أعمل مديرا عاما في الوزارة، ولا أقبل الرشوة بحمد الله تعالى، ويأتيني البعض بهدايا فأتحيَّر بين القبول والرفض، فإن قبلتها شعرت كأنها رشوة وإن رفضت تسببت بإحراج المُهدي. فما هو حكم قبول الهدية في مثل هذه الحال؟.


الجواب: المسلم يفعل ما يجب عليه شرعا، ويبتعد عما نهي عنه، ولا يضره رضي القوم أم غضبوا. وأعلم أن قبول الهدية في مثل موقعك حرام وغلول. فعن أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ ابْنَ الْأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ فَلَمَّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَاسَبَهُ قَالَ هَذَا الَّذِي لَكُمْ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَبَيْتِ أُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَ النَّاسَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ رِجَالًا مِنْكُمْ عَلَى أُمُورٍ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ فَيَأْتِي أَحَدُكُمْ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَبَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا فَوَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا “قَالَ هِشَامٌ بِغَيْرِ حَقِّهِ” إِلَّا جَاءَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا فَلَأَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ اللَّهَ رَجُلٌ بِبَعِيرٍ لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةٍ تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ[1].

وروى أحمد في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (هدايا العمال غلول)[2]. والله تعالى يقول: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (آل عمران، 161).

وقد نُقل أن عمر رضي الله تعالى عنه أهدى إليه رجل فخذ جزور ثم أتاه بعد مدة ومعه خصمه فقال: يا أمير المؤمنين افض لي قضاء فصلا كما يفصل الفخذ من الجزور فضرب بيده على فخذه وقال : الله أكبر اكتبوا إلى الآفاق هدايا العمال غلول[3].

وأما ما ذكرت في سؤال من إحراج المُهدي فلا تلتفت إليه، فرغم شعوره بالحرج إلا أنه سيكبر فيك أمانتك وحفظك لدينك، وإن قبلت فسيصطنع البشاشة في وجهك لكنه سيعيب عليك قبولك الهدية والتي هي بمعنى الرشوة. ويستثنى من ذلك هدية من كان يهديك قبل أن تكون في موقعك كالهدية من القريب والصديق ممن اعتادوا الإهداء لك من قبل.

وأعلم أخي أن بعضا من الدول في زماننا تجعل من هدايا كبار الموظفين ملكا لخزينة الدولة، ومن المؤسف حقا أن لا يكون هذا قانونا متبعا في بلاد المسلمين، ودينهم قد نبه إليه منذ زمن بعيد.



[1] صحيح البخاري، باب محاسبة الامام عماله، رقم الحديث 6658. ومسلم، باب تحريم هدايا العمال، رقم الحديث 3413

[2] مسند أحمد 23090، وصححه الألباني في الجامع الصغير، رقم الحديث 7021

[3] فيض القدير، برقم 9600 ، ج6/ص462 . قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.