حبل الله
34. المجتمع الزراعي والمجتمع الرُّحل

34. المجتمع الزراعي والمجتمع الرُّحل

المجتمع الزراعي والمجتمع الرُّحل

قال الله تعالى: «وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون» (البقرة، 2/61).

وقيل في تفسير قوله تعالى: «أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير» بأنه مقايسة بين الأطعمة. ونحن نرى أنه مقايسة بين المجتمع الزراعي ومجتمع الرُّحَل، والثاني يعتمد في حياته اليومية على الصيد وما معهم من الحيوانات، ومجتمع الرُّحَل ينتقلون من مكان إلى آخر، ويشاهدون الكثير من المواقف والأحداث، كما أن المجتمع الرحال أكثر نشاطا وهم حسّاسون تجاه بِيئاتِهم، ويُحافظون على أَمنِهم على أكمل وَجهٍ. أما المجتمع الزراعي أو الريفي فهم مستقرون حول مزارعهم ولا يسيرون في الأرض، ويقلُّ إحساسهم بما حولهم ولا يهتمون بالمحافظة على أمنهم، حيث يسهل احتلالهم من قبل القوم الرُّحَل.

إنّ طلبات اليهود المذكورة في الآية تجعل منهم مجتمعا زراعيا. في حين أن السلوى والمنّ يجعلهم مجتمعاً رحالاً يعيشون على الصيد.

والذين فضلوا ما يخرج من الأرض من «بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها» صاروا إلى حالٍ أنْ «ضربت عليهم الذلة والمسكنة». وأما الذين بقوا من بني إسرائيل في الصحراء انتصروا على جالوت وحققوا نجاحا عظيما.. وقال لهم موسى: «اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم»، يعني أنكم لن تحتاجوا إلى مزاولة الزراعة لتَحصُلوا على ما طلبتم من الطعام. وكأنه قال لهم: «أيما مصر نزلتموه وجدتم فيه ما طلبتموه». وهكذا فإن موسى عليه السلامُ كان بهذا التوجيه الحكيم قد حرضهم على ممارسة التجارة أيضا، وبالتالي الدخول إلى عالم جديد تتوسع فيه آفاقهم فتكون لهم العزة من بعد ذلّ.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.