حبل الله
ب.       الكنيسة والثيوقراطية

ب. الكنيسة والثيوقراطية

ب. الكنيسة والثيوقراطيَّة :

الكنيسةُ هي المؤسَّسةُ الأساسيَّةُ في النِّظام الثيوقراطيِّ (أي نظام الحكم الدِّينيِّ)، لأنَّ المَلِكَ في هذا النظام يُؤمنُ أنَّ الإلهَ هو الذي يُعيِّنُ الحكوماتِ والولاة، ويختارُ الموظَّفين، الإلهُ في النَّصرانيَّة عبارةٌ عن الأب والإبنُ والرُّوح القُدُس، والإبنُ هو عيسى، “وقد أُعطِيَ له جميعُ ملكوت السَّموات والأرض”.[1] وللكنيسةِ حقُّ التَّصرُّف وإصدار القرارات نيابةً عن المسيح.[2] أمَّا الرُّوحُ القُدُسُ فإنَّه يحمي الكنيسةَ من الأخطاء ويملؤُها بنعم الأب أي الرَّبِّ.[3]  وقد جَاءَ في إنجيل متَّى: “وأمَّا الأحدَ عشَرَ تلميذاً فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل، حيث أمرَهم يسوع. ولمَّا رأوه سجدوا له، ولكنَّ بعضَهم قد اشتكى، فتقدَّمَ يسوعُ وكلَّمَهم قائلاً: «دُفِعَ إليَّ كلُّ سُلطانٍ في السَّماء وعلى الأرض، فاذهبوا وتلمِذوا جميعَ الأمم وعمِّدوهم باسم الأب والإبن والرُّوح القدس، وعلِّموهم أن يحفظوا جميعَ ما أوصيتُكم به، وها أنا معكم كلَّ الأيَّام إلى انقضاء الدَّهر».[4] ومن هذا النصِّ اكتسبتِ الكنيسةُ سُلطةً قويَّةً، وقد امتدَّت هذه السُّلطةُ حتَّى أنَّه لم يعُدْ أحدٌ يستطيعُ اعتناقَ المسيحيَّة إلَّا بواسطتها؛ فمَنْ أرادَ أن يدخلَ في الدِّين النَّصرانيِّ فلا بُدَّ من موافقة الكنيسة، وبعد موافقتها يجبُ عليه التَّعميدُ؛ أي تغميسُه في الماء؛ والتَّعميدُ كمُصطلحٍ نصرانيٍّ يعني الالتقاءَ مع روحانيَّة عيسى والميلاد الجديد بالروح القُدُس. والتَّعميدُ هو الشَّرطُ الأوَّلُ للدُّخول في الدِّيانة النَّصرانيَّة. والانتقالُ من تبعيَّة كنيسةٍ إلى أُخرى يكونُ بالتَّعميد كذلك ![5]

المذهبُ الكاثوليكيُّ هو من أكثر المذاهب النَّصرانيَّةِ أتباعاً، ويرتبطُ هذا المذهبُ ببطرس[6]. والزَّعيمُ الرُّوحانيُّ لهذا المذهب هو البابا، ويُعتبَرُ البابا وكيلَ عيسى وخليفةَ بطرس، والبابا يملكُ سُلطةً معصومةً، والكنيسةُ عالميَّةٌ بحيث تشملُ إدارتُها العالَمَ كلَّه، ولا خلاصَ إلَّا بالكنيسة، وكنيسةُ روما مركزٌ روحانيٌّ لبقيَّة الكنائس. والكنيسةُ محكومةٌ من قبل الرُّوح القُدُس؛ ومنشؤُه من الأب والإبن. وتفسيرُ الأناجيل يكون بيد الكنيسة.[7]

وفي النِّظام الثيوقراطيِّ الكنيسةُ هي التي تقومُ بتعيين المَلِكِ والحكومةِ والوالي وكذلك الموظَّفين؛ لأنَّ الكنيسةَ تتحرَّكُ باسم الإله وتتصرَّفُ فيما يختصُّ به. ولكنَّ الكنيسةَ لا تتحمَّلُ المسؤوليَّةَ عن أفعالِها؛ فعقيدةُ أنَّ الرُّوح القُدُس يحمي الكنيسةَ تمنعُ تحميلَ المسؤوليَّة عليها، وعلى هذا فالثيوقراطيَّةُ تُعرَّفُ بأنَّها: “نظامٌ يتركُ الحُكمَ لإرادة الكنيسة، وفي هذا النِّظام تقوم الكنيسةُ بتعيين المَلِك والحكومة والموظَّفين”.



[1]انظر:  إنجيل متَّى، 18

[2]تيمور كوجوك، المرجع السَّابق، ص. 263

[3]تيمور كوجوك، المرجع السَّابق، ص. 256

[4]إنجيل متَّى، 16-20 ، الكتاب المقدَّس العهد الجديد.

[5]تيمور، كوجوك، المرجع السَّابق.

[6]يُقال له بطرس الرَّسول، فقد ادَّعى أنَّه رسولُ المسيح بعد وفاته.

[7]تيمور، كوجوك، المرجع السَّابق.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.