حبل الله
قتال المشركين

قتال المشركين

السؤال:
إخوتي الأفاضل: أريد من حضرتكم توضيح النظرة الإسلامية الشرعية بالحكم على اليهود والنصارى فيما إذا كانوا مشركين أم لا. وهل يجب علينا قتالهم لقوله تعالى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}؟ (التوبة، 36)
الجواب:
الإجابة على هذا السؤال تتكون من شقين:
الأول: نحن نعتقد بأنّ أهل الكتاب مشركون، وهذا ما نصت عليه الآية الكريمة:
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (التوبة 30)
فالاعتقاد بأن لله ولدا هو شرك عظيم، ولا يجادل أحد في هذا، وما التماثيل التي يعكفون على تقديسها وعبادتها إلا صورة ظاهرة للشرك وإن اجتهدوا في تبرير فعلهم. والله تعالى لا يغفر لمن أشرك به، قال تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} (النساء، 116)
الثاني: اعلم أنّ الجهاد لم يفرض في الإسلام لقتال المخالفين له، وإلا لم يكن لحرية الاعتقاد التي ينادي بها الإسلام أي معنى، قال الله تعالى:
{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (البقرة 256).
والآية التي ساقها السائل التي تدعو إلى قتال المشركين كافة قد يفهمها البعض أنّها تدعو إلى قتال المشركين لأنهم مشركون، وهذا غير صحيح، فالآية تأمر بقتال المشركين الذين يقاتلون المسلمين، لأنها تتحدث مباشرة عن مشركي مكة الذين أخرجوا النبي والمؤمنين من مكة ثم حاربوهم في بدر وأحد والخندق، ثم نقضوا صلح الحديبية. يدل على هذا الآيات التي سبقتها:

﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ. أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ، فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 12-13]

إن البدء في قتال المشركين دون سبب يستدعيه هو اعتداء نهانا الله تعالى عنه بقوله:
{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة، 190).

التعليقات

  • إذاَ هل يجوز للرجل المسلم أن يتزوج من اهل الكتاب علماَ بما سبق ونصت عليه هذه الآية الكريمة قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (سورة التوبة30) ؟؟

  • جواز الزواج من نساء أهل الكتاب ورد في آية أخرى في قوله تعالى {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (المائدة، 5) فالحكم عليهم بالشرك شيء والزواج منهم شيء آخر وربما كان ذلك حتى لا تقطع العلاقة مع أهل الكتاب فيحرموا التعرف على الدين الحق. وينبغي التنبه إلى أمرين: الأول: أن الآية ذكرت المحصنة من نساء أهل الكتاب أي الشريفة العفيفة وليس غير ذلك. الثاني: أن الله تعالى أعطى أولوية لإختيار المرأة المسلمة وذك واضح بقوله تعالى:{وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} (البقرة، 221)

  • وأسأل الله العلي القدير أن يجعله في ميزان حسناتكم و بارك الله فيكم و نفع بكم أمة الإسلام

  • يقولون إن كل آيات “الرحمة” و”كف اليد” (.. إلخ) قد نَسَخَتْها آية واحدة سموها آية السيف،

    وبالتالي ففكرة “عدم الاعتداء”، أو فكرة “لكم دينكم ولي ديني”، أو فكرة “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” : كلها عند القوم نُسِخَت بآية السيف !

    وفكرة النسخ جاءت لهؤلاء هديةً كبرى، قاموا عن طريقها بضرب كل “منظومة” القرآن الكبرى؛ ابتداءً من “القيم العميقة” إلى “قيم التساكن”، إلى “قيم الدعوة”، إلى “قيم الحرب ومنظومتها الضابطة” !

    كل مفردة مِن هذه المفردات هي ركن كبير في بناء الإسلام :

    * ففي العمق توجد “القيم العميقة”، والتي تقوم على ثلاثة مرتكزات :

    1- أن البشر بطبيعة خلقهم مختلفون،

    2- وأن أكثر الناس لن يؤمنوا،

    3- وأن مهمتهم مجتمعين، بوصفهم بشراً، رغم الاختلاف وعدم اتفاق المعتقد، هي وقف سفك الدماء، ووقف الفساد في الأرض، وكذا إعمارها،

    وعليها تُبنَى الطبقة الثانية من القيم،

    فكأن الطبقة الأُولَى هي “بما أن” في الرياضيات، والطبقة الثانية هي “إذن”.

    * والطبقة الثانية هي “قيم التساكن السلمي”، ولها ثلاثة مرتكزات هي :

    1- التعاقد الصحيح،

    2- والعدل المطلق،

    3- والبر،

    وعليها تتصرف :

    * قاعدة “الدعوة” بين المختلفين، وتقوم على :

    – قاعدة التعارف،

    – وقاعدة الدعوة بالحسنى،

    – واستعمال الحكمة،

    – والتنزل في الحوار،

    – وحرية الاختيار العقدي.

    * وبعدها تأتي حالة الاستثناء وهي “قيم الحرب ومنظومتها الضابطة”، والأصل :
    – كراهية الحرب،

    – وفيها أن الإنسان – [بخِلْقَتِهِ/ بجِبِلَّته]- يكرهها،

    – وفيها أن أسبابها هي الجور والظلم،

    – وأنها تنتهي بانتهاء أسبابها،

    – وأن جنوح الآخر للسلم مدعاة للعودة إلى الأصل،

    – وأن مباشرتها تحتاج لإعداد أقصى،

    – وأن الإعداد الأقصى ضمانة لإرهاب (أي ردع) الخصم ووقف نشوب الحرب ابتداءً،

    – وأن الأرقام مهمة في تكافئ القوى،

    – وأن النسبة، في مختلف ميادين الفعل، التي تكون مقبولة إنْ أُحسن التدبير، هي نسبة 1:2، وإلا كان مردودها عكسياً، [كما قد تتغير هذه النسبة بتغير الظروف والملابسات والإمكانيات والاحتمالات].

    وعلى ذلك عَدَّدَ القرآنُ الكريم الخيارات أمام طالبي الحق : مِن كف الأيدي، إلى المهادنة، إلى الحرب المحدودة، إلى الحرب الشاملة؛ وذلك ليكافئ كلَّ وضع بما هو أجدى في إنجاز الهدف؛ وهو العودة للسلم وإقامة العدل.

    [جاسم سلطان – بتصرف وزيادة طفيفين]

    #إضاءات_ومراجعات_يحيى_جاد

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.