حبل الله
فضل الدعاء

فضل الدعاء

فضل الدعاء
الدعاء يمثل الرابطة المتينة بين العبد وربه، هذه الرابطة تخلو من النفاق عادة، وهي تجسد مدى ثقة العبد بخالقه، ولأنّ الدعاء خيرٌ للمؤمن ابتدر اللهُ تعالى عبادَه بالتوجه إليه بالدعاء، فقال {وقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (غافر،60) في الآية ترغيب بالدعاء حيث الإستجابة، وقد وردت الآية بصيغة الشرط وجوابه للدلالة على حتمية الإستجابة. كما أن في الآية ترهيب لمن ترك الدعاء استكبارا على الله أو تهوينا بالمدعو سبحانه.
وتأكيدا لفضل الدعاء قال الله تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة، 186) هذه الآية جرت على خلاف المألوف في الآيات التي تحتوي على سؤال وجواب، وقد تجلى هذا الفرق بنقطتين ظاهرتين:
الأولى: كل الآيات كانت تذكر سؤال السائلين ثم تأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول الجواب لهم، ومن قوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (البقرة، 189)، { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (البقرة، 215)، { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} (البقرة،217)، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} (البقرة، 219)، {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} (المائدة، 3)، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} (الأعراف،187)، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (الأنفال،1)
كما تلاحظ فإن آية الدعاء جاءت على نسق مختلف، فلم يصدر السؤال من الناس أولا وإنما سبق كلام الله تعالى سؤال الناس وهذا يفيد أهمية الدعاء وعظم شأنه.
الثانية: في جميع الآيات ورد قوله تعالى بعد يسألونك {قل} أي قل لهم يا محمد، إلا آية الدعاء فقد قال الله تعالى {فإني قريب} دون أن يقول لنبيه : قل إني قريب. وقد وردت الآية بهذه الصيغة لتفيد معنيين مهمين:
الأول: أن الله تعالى قريب من العبد وهو أقرب إليه من حبل الوريد، وليس أقرب على الإنسان من خالقه.
الثاني: أنه لا يصح التوسط في الدعاء، فالمسلم يدعو ربه مباشرة دون وساطة من نبي أو غيره، فقد تجنبت الآية ذكر الواسطة اللغوية (قل) حتى يفهم الأمر كما أراد الله؛ وهو أنه لا واسطة بين العبد وربه.
ويتجلى فضل الدعاء كذلك في أثره في حياة المسلم، فهو سبب لكشف الضر وتحويل البلاء إلى نعمة، قال تعالى {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} (النمل،62).
 وقد اعتبر النبي الله صلى الله عليه وسلم الدعاء جوهر العبادة بل هو يمثلها، فقال: (إن الدعاء هو العبادة) ثم قرأ: { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }[1].


[1] ابو داوود، باب الدعاء، رقم الحديث 1264. الترمذي، رقم الحديث 2895 وقال: حسن صحيح. السنن الكبرى للنسائي، رقم الحديث 11464 ،وابن ماجه، باب فضل الدعاء، رقم الحديث 3818 والحاكم، كتاب الدعاء، رقم الحديث 1759، وقال صحيح على شرط الشيخين 

التعليقات

  • جزاكم الله تعالى خيرا. لا أشك بأن الله يستجيب دعاء الداعين لكن عندي إشكال أتمنى أن أجدجوابه عندكم.
    الذي فهمته أن هذه الدنيا تسير وفق قوانين خلقها الله تعالى فكل شيء بمقدار. والذي يبذل جهد يمكن أن يرى نتيجة جهده الدنيوي وقد لا يجد، أما جهده للآخرة فلا يضيع . فهل سيكون للدعاء تأثير في تغيير هذه النتيجة سواء في الدنيا أو الآخرة.
    سؤال آخر هل للإنسان أن يسعى ويدعو الله تعالى، وبعض الناس فقط تسعى وترى نتائج كبيرة قد تكون الناس كافرة لا تعرف ربها . وأيضا قد ادعو الله تعالى بشيء لا أستطيع السعي فيه مثلا أذا دعوت بزواج ابنتي من رجل صالح فكيف ستستجاب دعوتي وأنا لا أستطيع السعي فيها مثلا ؟
    أتمنى الإجابة وجزاكم الله عنا كل خير

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.