حبل الله
القروض الاستهلاكية وبيع النسيئة

القروض الاستهلاكية وبيع النسيئة

القروض الإستهلاكية وبيع النسيئة

يمكن البيع نسيئة بالقروض الإستهلاكية. يزعم البعض أن القروض الإستهلاكية أكثر تصرفا؛ قائلا: إني لو اشتريت سيارة بالقروض الإستهلاكية سيخصص لي البنك قرضا، ويعطي النقود للبائع، وأنا سأدفع النقود إلى البنك بالتقسيط. وحدث فرق بين النقود التي أخذها قرضا والنقود المدفوعة لسد القرض. وهذا الفرق يوجد في بيع النسيئة. وكل ما يفعله البنك والبائع نسيئة هو توفير النقود.  وبين هاتين المعاملتين تشابه قوي، لذا إذا كانت إحداهما حلالا كانت الأخرى حلالا كذلك، وإذا كانت إحداهما حراما كانت الأخرى حراما كذلك.

القروض الإستهلاكية، هي قروض يحصل عليها المستهلك من البنك. وكل ما يضاف عليها يكون ربا. وحين يشترى السيارة بالقروض الإستهلاكية يتحقق أمران؛ الأول يحصل من البنك على قرض مقداره 15.000 ليرة مثلا، فيصبح المستهلك مدينا بـ 17.000  ليرة. ولا شك أن هذا ربا. والأمر الثاني أن السيارة قد اشتريت نقدا بـ 15.000.

أما في بيع النسيئة، يجوز بيع السيارة بـ 15.000 ليرة نقدا، و بـ 18.000 ليرة نسيئة. و هي خالية عن الربا.

وعلى هذا يكون في بيع النسيئة سعر السيارة بـ 18.000ليرة، ومقدار القرض على المشتري 18.000 ليرة.

وفي القروض الإستهلاكية يكون: سعر السيارة بـ 15.000 ليرة، ومقدار القرض الحاصل عليه من البنك 15.000 ليرة، ونسبة الربا 2000 ليرة، ومجموع ما يدفع إلى البنك 17.000 ليرة.

ونرى فيما سبق أن السيارة تكون أرخص بالقروض الإستهلاكية. ولكن كون السلع رخيصة أو غالية شيء، واختلاط البيع بالربا شيء آخر.

ويمكننا توضيح الموضوع على النحو التالي: يذهب أحمد ومحمد إلى سوق السيارات ليشتري كل واحد منهما سيارة من نفس النوع ونفس النموذج. وسعر السيارة نقدا 15.000 ليرة. يشتريها أحمد بـ 18.000 ليرة نسيئة لمدة سنة. وفي نفس الوقت يأتي حسن ويقول لمحمد أعطيك 15.000 ليرة واشتري السيارة نقدا واعطني خلال سنة 16.000 ليرة. ويقبل محمد فكرة حسن ويشتري السيارة بـ 15.000 ليرة نقدا. ولا يخفى كون هذه المعاملة ربا. ولكن لو اشترى حسن السيارة ثم باعها لمحمد لم يكن في هذا ربا.

يقال: أليس الهدف الأصلي من هذه المعاملة هو توفير النقود؟ حتى ولو اشترى حسن السيارة، لم تكن نيته شراء السيارة بل كان توفير النقود. يجب توضيح هذه النقطة. نعم يرى أنه يوجد فيها فرق في الشكل، وكأنه لا يوجد بينهما فرق. قد اشترى أحدهما السيارة عن طريق بيع مشروع ولكن بسعر أغلى، والآخر عن طريق ربا بسعر أرخص. والهدف هو شراء سيارة. ويرى أنه فرق شرعي؛ وهل بينهما فرق حقيقي؟

والفرق الشرعي هو الفرق الأساسي الذي يفصل بين البيع وبين المعاملة الربوية. وهذا الفرق ليس فرقا بسيطا، لذا لا تقوم البنوك ببيع وسائل النقل بدلا من إقراض وسائل النقل. لأنها في هذه الحالة ستكون مؤسسة تجارية وليست مؤسسة ربوية. وهو أمر لا ينطبق مع أهداف المؤسسة وبنيتها الأساسية.

يقال “إن كل ما في الأمر هو شراء سيارة.” هذا صحيح. ولكن أحد الأمرين تحقق عن طريق المعاملة الربوية والآخر عن طريق البيع المشروع. على سبيل المثال جاء شخصان  إلى شجرة التفاح، أحدهما أخذ كيسا مليئا بالتفاح وذهب؛ والآخر استأذن من صاحب الشجر ثم أخذ كيسا مليئا بالفتاح؛ نقول على الأول أنه لص. أما الثاني لا نقول عليه شيئا. بل نصفه بحسن الأدب. ولا يمكن أن يبرر السرقة بكون الهدف أكل التفاح.

لو أراد المشتري إعادة السيارة بسبب حدوث خلل فيها، فالذي اشترى نسيئة يأخذ كل ما دفع ثمنا للسيارة من الشيكات والسندات والنقود. أما الآخر فلا يملك إلا 15.000 ليرة، ويبقى عليه دين مقداره 2000 ليرة. وهذا هو الزيادة الخالية عن العوض أي الربا. وهنا يتبين لنا أهمية معنى قولنا “الفارق الشرعي هو الفرق الأساسي”. ولو اشترى البنك السيارة ثم باعها لحسن، وأراد حسن إعادة السيارة بسبب حدوث خلل فيها، لا يمكن للبنك أن يقول لم أكن أريد أن أشتري سيارة وأنا اشتريت هذه السيارة لك ولا يمكنك أن تعيدها إلي.

هذا وقد يزعم البعض أن الفارق في سعر البيع للأجل؛ يحسب نظرا للنسبة الربوية الحالية. كل من يبيع السلع  نسيئة فهو يحسب الفارق في السعر، ولا بأس في حساب الفارق حسب النسبة الربوية الحالية. وفي نهاية الأمر يضع أمام المشتري سعرا معينا، ويتحقق البيع إذا قبل المشتري ذاك السعر، وإلا فلا. أي كل ما حدث هنا هو البيع وليس الإقراض.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.