حبل الله
عقـوبة المدين المماطل في أداء الدين

عقـوبة المدين المماطل في أداء الدين

أ.د عبد العزيز بايندر

نعيش اليوم في عصر قد كثرت فيه وجوه التعاملات التي يترتب عليها الدين، سواء في الانتاج أو التجارة الداخلية والخارجية. وشاع في ذلك عقد الصفقات عبر وسائل الاتصالات المختلفة, فأصبح التاجر يعقد الصفقات التجارية بمبالغ كبيرة مع عملائه في بلاد مختلفة في بضع دقائق. وسرعة المعاملات في العصر الحاضر جعلت لإيفاء الدين في موعده أهمية كبيرة لم تكن من قبل. وإن وصول الدائن إلى حقه عن طريق القضاء عند تأخر المدين و مماطلته في الأداء صار عسيرا و بطيئا في معظم بلاد العالم ومحمَّلا بتكاليف إضافية نظرا لاختلاف بلد الدائن عن بلد المدين.

والدائنون ينقسمون إلى قسمين: قسم يأكلون الربا والآخرون لا يأكلونه .والمدينون يفضلون أداء دين الذين يأكلون الربا خوفا من ازدياده به ويماطلون الآخرين بحقهم. وبهذا يواجه الذين لا يأكلون الربا صعوبات مزعجة في بلاد لا يتعامل الناس فيها بأحكام الإسلام .فمماطلة  المدين مشكلة كبيرة يجب حلها.

قام العلماء ببحوث كثيرة لحل هذه المشكلة في عصرنا هذا، وعقدوا لذلك ندوات متعددة وأصدروا فيها فتاوى مختلفة؛ بعضها يلزم المدين المماطل القادر على الوفاء بغرامة مالية وبعضها يمنع ذلك ويعده ربا، وبعضها يحلُّ المشكلة بطريقة أخرى .فالفتاوى المتعلقة بلغت إلى أربعة اتجاهات: الأول منها يلزم المدين المماطل بغرامة مالية تماثل عمله, والثاني يلزمه بغرامة مالية لا تماثل عمله والثالث يحدث صيغة جديدة للبيع مؤجلا لحل هذه المشكلة والرابع يمنع إلزام المدين المماطل بغرامة مالية ويعده ربا, وسنذكر هذه الفتاوى كلها مع أدلتها ونرد ما نراه مخالفا للكتاب والسنة.

القسم الأول: عقوبته بمثل ما عاقب به

وهو فرض جزاء على المدين برده الدين ومثله معه ليتصرف فيه الدائن مثل مدة مطله ويسترده المدين منه عند نهاية المدة لتكون سيئة بمثلها وعقوبة بمثل ما عاقب به. وهذا قولنا. لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في المدين المماطل: ليّ الواجد يحل عرضه, وعقوبته. رواه البخاري وأبو داود و النسائي و ابن ماجة و أحمد.[1]

اللىّ: بتشديد الياء مصدر لوى يلوي بمعنى ماطل في الوفاء بما عليه.

 والواجد: من كان قادرا على الوفاء بما عليه من الدين .وإحلال عرضه جواز ذمه, لأن العرض موضع المدح والذم من الإنسان, سواء كان في نفسه أو في سلفه أو من يلزمه أمره.[2]  وقال وكيع: ” عرضه: شكايته. وعقوبته: حبسه ” (مسند أحمد، 19456)

والعقوبة اسم من العقاب والمعاقبة وهي أن تجزى الرجل بما فعل سواء.

قال الله تعالى في المعاقبة: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به. ولئن صبرتم لهو خير للصابرين. (سورة النحل، 16/  126) وقال تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها. فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين. (سورة الشورى، 42/ 40)

فمبدأ القرآن في العقوبة هو المماثلة. وسيئة المدين المماطل القادر هو تأخيره إيفاء حق الدائن وحبسه ماله مدة بدون مسوغ شرعي. فجزاء سيئته المماثلة لعمله هو رده الدين ومثله معه لمدة مطله، فتكون سيئة عليه بمثل سيئته وعقوبة بمثل عقوبته التي قام بها على الدائن. والدائن يأخذ هذا المبلغ الزائد المماثل للدين ويتصرف فيه مثل مدة المماطلة لأن المماثلة لا تتم إلا به.

ولنضرب لذلك مثلا: رجل باع سلعة بألف ليرة نسيئة فحل الأجل ولم يدفع المشترى دينه وهو قادر على إيفائه فأصبح مدينا قادرا مماطلا ، فهذا يحل عرضه وعقوبته كما ورد في الحديث النبوي السابق . ثم جاء بعد شهرين وأوفى دينه فعقوبته أن يدفع إلى الدائن ألفا لدينه ويزيد عليها ألف ليرة أخرى ليتصرف بها الدائن مدة شهرين. وبذلك يكون المدين معاقبا بمثل ما عاقب الدائنَ به.

ويجوز أن يتفق الدائن والمدين على النقص من مقدار المال والزيادة على الأجل الذي يتصرف فيه الدائن. مثل أن يأخذ الدائن مائتي ليرة من المدين مع حقه في المسألة السابقة ليتصرف فيها عشرة شهور لأن المائتين خمـس الألف فيزاد في المدة خمسة أمثالها فيكون عشرة شهور كاملة. وهذا لتسهيل إعمال هذا الأمر والرفق بالمدين.

ويجوز أن يذكر هذا في العقد كشرط جزائي على المدين؛ لأن إلزام المدين القادر المماطل بدفع ما يماثل دينه مع أصله إلى الدائن ليتصرف فيه مثل مدة مماطلته إياه شرط ملائم لمقتضى العقد، لأن هذا يحمل المدين على أداء دينه في موعده المحدد دون أن يدخله في أي محرم. وهذا ليس إلا لدفع ظلمه. والآيتان المذكورتان تقتضيان هذا الشرط.

وهذه عقوبة وليست ربا ولا شبيهة به. لأن الربا في اللغة الزيادة. ولا بد في الزيادة من مزيد عليه تظهر الزيادة به. قال ابن العربي: إن الناس في الجاهلية كانوا يتبايعون ويربون. وكان الربا عندهم معروفا يبايع الرجل الرجل إلى أجل. فإذا حل الأجل قال أتقضي أم تربي؟ يعني أم تزيدني على مالي عليك وأصبر أجلا آخر. فحرم الله تعالى الربا و هو الزيادة .[3]

قال النبي صلى الله عليه و سلم في خطبة الوداع: ألا إن كل ربا في الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربانا ربا عباس بن عبد المطلب، وهو موضوع كله.[4]

وفي قولنا هذا لا يطلب الدائن من المدين شيئا ليدخله في ملكه. وإنما يطلب العقوبة عليه بمثل ما عاقبه المدين به، والمماثلة في العقوبة شرط وهي لا تتحقق إلا بما قلناه.

ونجد مثل هذه العقوبة في الكتاب و السنة.

أما الكتاب فقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد و أنتم حرم، و من قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة (المائدة،5/  95). فسيئته أنه قتل صيدا حرم عليه الانتفاع به وهذا واضح من قوله تعالى: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما (المائدة، 5/  96). و أما جزاء سيئته المماثلة لعمله فهو رده مثل ما قتله إلى مكان قتله، و هذا ليس في وسعه و قدرته و هو لا يستطيع إلا رد مثل ما قتل من النعم هديا بالغ الكعبة؛ لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها. فيكون هذا سيئة عليه بمثل سيئته وعقوبة بمثل عقوبته التي قام بها على الصيد المحرم. و المماثلة لا تتم إلا بهذا.

و أما السنة فما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه و سلم ، أنه قال لمن سئله عن الثمر المعلق: من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة[5] فلا شيء عليه ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة”.[6] فحكم عليه النبي صلى الله عليه و سلم بالسيئتين؛ بغرامة مثليه والعقوبة.

أما غرامة المثل الأول، فهو مثل ما أخذه من الثمر المعلق، و ذلك لإعطاء حق صاحب الثمر. و أما المثل الثاني فهو جزاء سيئة عمله. لأنه أخرج الثمر ليدخله في ملكه، فيعطي مثل ما أخذه ليدخله صاحب الثمر في ملكه. و هذه غرامة مالية.

وأما العقوبة (التعزير)، فلإتيانه بفعل محرم معاقب عليه وهو أخذه مال غيره بدون مسوغ شرعي.

وفيه حديث آخر وهو ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:” ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها”[7] فعاقب النبي صلى الله عليه و سلم كاتم ضالة الإبل بالغرامة المالية فقط. لأنه كتمها ليدخلها في ملكه، وجزاء سيئته أن يرد  ما كتمه و معه مثله، ليدخله صاحب الضالة في ملكه لأنه سيئة مثل سيئته. وأما التعزير فلا يثبت عليه. لأن أخذه ضالة الإبل ليس محرما عليه مطلقا بل يجوز له أن يأخذها ليوصلها إلى صاحبها. فسيئته سيئة واحدة.

وفسرت العقوبة بالحبس في قول النبي صلى الله عليه و سلم: لىٌ الواجد يُحل عرضه وعقوبته. قال به سفيان[8] و وكيع[9] وعلي الطنافسى[10] وابن المبارك.[11]

والحبس لا يصلح عقوبة على المدين القادر المماطل ؛لأن فعله حبس مال الدائن بدون مسوغ شرعي لا حبس نفس الدائن، فلا مماثلة بينهما. والمماثلة في عقوبة مماطلة المدين القادر على الوفاء لا تتحقق إلا بما قلناه.

وأجاز أبو حنيفة حبس المدين المماطل لا للعقوبة عليه بل لإستيفاء حق الدائن منه ودفع ظلمه عنه كما أفاده صاحب الهداية المرغيناني في شرحه على بداية المبتدي بقوله: قال أبو حنيفة… (فإن كان له – أي للمدين- مال لم يتصرف فيه الحاكم و لكن يحبسه أبدا حتى يبيعه في دينه) إيفاء لحق الغرماء ودفعا لظلمه انتهى.[12]

وهذا واضح في أن هذا الحبس ليس عقوبة للمدين بل لدفع ظلمه عنه بتأخيره قضاء دينه. لأن المدين المسجون بدينه إذا أداه خلى سبيله، هل هناك عقوبة؟ أليس هذا الحبس إلا لدفع ظلمه عن الدائن فقط؟

القسم الثاني: وهو عقوبته بما لايماثل ما عاقب به

وأفتى بعض الفقهاء في عصرنا الحاضر بجواز عقوبة المدين المماطل بتعويض الدائن عن ضرره الموهوم مستندا إلى مبادئ مختلفة. منهم من يستند إلى أقوال بعض الفقهاء في تضمين منافع الأعيان المغصوبة أو في بيع العربون، ومنهم من يستدل بالمصالح المرسلة، ومنهم من يحتج بعموم بعض الأحاديث النبوية في الغرامة المالية وهذه عقوبة بما لا يماثل ما عاقب المدين به الدائن.  وتفصيله ما يلي:

أ­ عقوبة المدين بتعويض الدائن عن ضرره مستندا إلى تضمين منافع الأعيان المغصوبة.

أصدرت ندوة البركة الثالثة للإقتصاد الإسلامي فتوى أجازت فيها إلزام المدين المماطل القادر على الوفاء بتعويض الدائن عن ضرره. وهذا نصها:

“يجوز شرعا إلزام المدين المماطل في الأداء وهو قادر على الوفاء بالتعويض للدائن عن الضرر الناشئ من تأخر المدين في الوفاء  إلا أن يكون عن عذر مشروع. لأن التأخر في أداء الدين بدون عذر ظلم.كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم “مطل الغـني ظلم”. فيكون حاله كحالة  الغصب التي قرر الفقهاء فيها تضمين الغاصب منافع الأعيان المغصوبة علاوة على رد الأصل”.[13]

وسمت الندوة هذا التعويض بتعويض الضرر الناشئ عن تأخر أداء الدين. ونحن لا نسلم به لأن الضرر ما ينقص من رأس المال، و رأس المال هنا دين ولم ينقص منه شيء بتأخر المدين عن تسديده. ولا يسمى انتفاء الربح ضررا. لأن الربح ما يحصل من البيع وهو لا ينال إلا بعد بيعتين؛ وفي أولاهما يشتري الرجل المبيع و في الثانية يبيعه. وإذا اشترى سلعة بألف وباعها بألف ومائة ربح مائة وحيث لم يبعها لا يربح شيئا، و إن باعها بمثل ما اشتراها لا يربح أيضا. وإن كان بيعه بأقل مما اشتراه يخسر. فالربح أو الخسارة لا يتحققان إلا بعد هاتين البيعتين فدعوى الضرر الناشئ عن تأخر الدين دعوى باطلة.

وأما ضمان ما ينقص من قيمة الدين بسبب التضخم النقدي فواجب على المدين المماطل القادر و المعسر لأنه حق الدائن، و إن الديون تؤدى بأمثالها. والمماثلة في الأوراق النقدية لا تثبت إلا بمماثلة قيمة أصل الدين وقيمة المدفوع لتسديده وإن اختلفت أرقام الأوراق النقدية المستدانة والمدفوعة. لأن المعيار الشرعي في الأوراق النقدية هو القيمة لا الأرقام ولا غيرها.

والربا هو النفع الحاصل من الدين. وهو لا يحتاج إلا إلى عملية واحدة وهى الاتفاق بين الدائن والمدين على زيادة رأس المال بالأجل ولا خسارة فيها. وذلك التعويض الذي ألزمت به ندوة البركة المدين عن ضرر الدائن الموهوم بسبب تأخيره أداء الدين ربا محرم، لأن الله تعالى قال: وأحل الله البيع وحرم الربا ( سورة البقرة، 2/ 275). لأن الربا في اللغة الزيادة والمزيد عليه هو الدين، لأن المأخوذ والمدفوع في الدين من جنس واحد، فإذا كان المدفوع أكثر من المأخوذ حصلت الزيادة وهي الربا. وهذه الزيادة لا تحصل في البيع، لأن البدلين فيه من جنسين مختلفين فلا تتحقق الزيادة بينهما.

وإن قيل إن الذين يفتون بهذه الفتوى لا يقبلون أي اتفاق سابق بين الدائن والمدين في زيادة رأس المال بالأجل، قلنا: إن هذا الاتفاق لازم لهذه الفتوى ولا يفارقها، لأنه إذا تقرر الأمر على  هذه الفتوى وبدأ الناس يتعاملون بها صار الربح الذي أعلنه البنك الإسلامي ميزانا لنسبة الربا المتفق عليه بين الدائن والمدين المماطل، سواء أسمي هذا المبلغ بغرامة أو تعويض أو شرط جزائي أو غير ذلك.

وقيست هذه المسألة على الغصب في الفتوى وقيل: “… فيكون حاله (يعنى حال المدين المماطل القادر على الوفاء) كحالة  الغصب التي قرر الفقهاء فيها تضمين الغاصب منافع الأعيان المغصوبة علاوة على رد الأصل.”

وهو قياس مع الفارق، لأن هذا دين وتلك عين ولا مشابهة بينهما. فالأعيان يجوز الاعتياض عن منافعها ويسمى إجارة وذلك بالإجماع. وأما منافع الديون فتسمى ربا بالإجماع أيضا. فلا يجوز الاعتياض عنها.

والأعيان إذا كانت مغصوبة فلا يجوز الاعتياض عنها أيضا عند الحنفية. وأما الشافعية والحنبلية فالمقرر عندهم أن منافع الأعيان المغصوبة مضمونة. وهناك نصان من الشافعية والحنبلية في الغصب . قال في تحفة المحتاج من المذهب الشافعي:

“(وتضمن منفعة الدار والعبد ونحوها) من كل ما له منفعة يستأجر عليها (بالتفويت) بالاستعمال ( والفوات) وهو ضياع المنفعة من غير انتفاع كإغلاق الدار (في يد عادية) لأن المنافع متقومة فضمنت بالغصب كالأعيان…(وإذا نقص المغصوب) أو شئ من زوائده (بغير استعمال وجب الأرش) للنقص (مع الأجرة) له سليما إلى حدوث النقص ومعيبا من حدوثه إلى الرد…ولا يجب أجرة لما بعد زمن التلف. انتهى”.[14]  لأنه بعد التلف انقلب دينا فلا يستأجر الدين.

ورأى الحنبلية موافق تماما لرأي الشافعية. قال أحمد عبد الله القاري: “منافع المغصوب مضمونة سواء استوفاها الغاصب أو غيره أو ضاعت فيضمن الغاصب أجرة المغصوب، الذي جرت العادة بتأجيره إلى حين رده أو تلفه أو إلى حين أداء القيمة فيما عجز عن رده “.[15]

فالأعيان المغصوبة بعد الإتلاف أو التلف تصير دينا وينتهي الانتفاع بها، ولا يستأجر الدين، فلذلك لا تجيز الشافعية والحنبلية الاعتياض عن الأعيان المغصوبة بعد الإتلاف أو التلف، لأن أجر الدين ربا محرم، فلم يبق مستند للفتوى الصادرة عن ندوة البركة في إلزام المدين المماطل بالتعويض قياسا على قول الحنبلية والشافعية في تضمين منافع الأعيان المغصوبة.

ووضعت الندوة مبدأ في تقدير التعويض، وهذا نصه: “و يقدر هذا التعويض بمقدار ما فات على الدائن من ربح معتاد كان يمكن أن ينتجه مبلغ دينه لو استثمر بالطرق المشروعة خلال مدة التأخير.

وتقدر المحكمة التعويض بمعرفة أهل الخبرة تبعا لطرق الاستثمار المقبولة في الشريعة الإسلامية، وفي حالة وجود مؤسسة مالية غير ربوية في بلد الدائن (كالبنوك الإسلامية مثلا) يسترشد بمتوسط ما قد حققته فعلا تلك المؤسسات من ربح عن مثل هذا المبلغ للمستثمرين فيها خلال مدة التأخير”. انتهى.[16] وأما تقدير الربح المعتاد ورفع الأمر إلى المحكمة لتقدير التعويض بمعرفة أهل الخبرة فلا يمكن تنفيذهما. لأن التاجر ومن بحكمه من المستثمرين لا يقبلون أن يتدخل أحد من الخارج في أمورهم ولا يظهرون على أرباحهم أحدا. ونسبة الربح تتغير حسب تغير التاجر والمال والظروف الخاصة و العامة. فلم  يبق معيار لتقدير هذا التعويض إلا ربح البنوك الإسلامية. لأن البنك الإسلامي مضارب، و يبلغ عدد أرباب الأموال عنده إلى الآلاف، فيضطر إلى حساب الربح وإعلانه في فترات زمنية.

وبدأت بعض البنوك الإسلامية تعمل بهذه الفتوى وتأخذ من عملائها المدينين الذين يماطلون بديونهم تعويضا بمقدار ما حققه من ربح في مدة المماطلة دون رفع الأمر إلى المحكمة. وهذا ربا محرم والربح الذي أعلنه البنك صار معيار الربا المتفق عليه مسبقا بين الدائن والمدين المماطل فلذلك لم  يبق معنى  لهذه الكلمة الموجودة في ذيل الفتوى؛ وهي:

“لا يجوز الاتفاق بين الدائن والمدين مسبقا على تقدير هذا التعويض لكي لا يتخذ ذلك ذريعة بينهما إلى المراباة بسعر الفائدة.”

 وهذا اعتراف من القائلين بهذه الفتوى بأن التعويض المذكور ربا محرم. لأن كلمة سعر الربا لا يفيد شيئا ولا تأثير له في حرمته. ولو استقر الأمر على هذا لصار ربح البنك الإسلامي الموجود في بلد الدائن معيارا مشروطا متفقا عليه لتقدير التعويض وإن لم يذكر في العقد. لأن المعروف كالمشروط.

­ عقوبة المدين بتعويض الدائن عن ضرره مستدلا بالمصالح المرسلة

وفي فتوى ندوة البركة عبارة تبين أن بعض القائلين بعقوبة المدين بتعويض الدائن استدلوا لقولهم بالمصالح المرسلة وهذا نصها:

“وهناك من يرى أن يكون الالزام بهذا المال على سبيل الغرامة الجزائية استنادا لمبدأ المصالح المرسلة على أن تصرف الحصيلة في وجوه البر المشروعة”.[17]

قلنا إن المصالح المرسلة لا تصلح دليلا في هذه المسألة. ولاشك في أن المقصد الأصلي للشريعة هو تحقيق مصالح العباد وحفظها ودفع الضرر عنهم إلا أن المصالح الدنيوية لا تخلص كونها مصالح محضة لأنها مشوبة بتكاليف ومشاق قلت أو كثرت كالأكل والشرب والنكاح واكتساب المعارف. لأن هذه الأمور لا تنال إلا بكبد وتعب كما أن المفاسد الدنيوية ليست بمفاسد محضة وهي مشوبة ببعض المصالح. والربا فيه شئ من المصلحة، واتخذها بعض الناس مطية توصلهم إلى تحليل الربا. قال فخر الدين الرازي في شأن الربا في تفسير قوله تعالى “ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا.” (سورة البقرة،2/ 275) القوم كانوا في تحليل الربا على  هذه الشبهة…لأن الرجل لو باع الثوب الذي يساوي عشرة في الحال بأحد عشر إلى شهر، جاز. فكذا إذا أعطى العشرة بأحد عشر إلى شهر، وجب أن يجوز لأنه لا فرق  في العقل بين الصورتين. وذلك لأنه إنما جاز هناك لأنه حصل التراضي فيه من الجانبين. فكذا هنا، لما حصل التراضي من الجانبين وجب أن يجوز أيضا. فالبياعات إنما شرعت لدفع الحاجات ولعل الإنسان يكون صفر اليد في الحال، شديد الحاجة  ويكون له في المستقبل من الزمان أموال كثيرة، فإذا لم يجز الربا لم يعطه رب المال شيئا فيبقى الإنسان في الشدة والحاجة. وأما بتقدير جواز الربا فيعطيه رب المال طمعا في الزيادة، والمدين يرده عند وجدان المال مع الزيادة. وإعطاء تلك الزيادة عند وجدان المال أسهل عليه من البقاء في الحاجة قبل وجدان المال. فهذا يقتضي حل الربا كما حكمنا بحل سائر البياعات لأجل دفع الحاجة. فهذه هي شبهة القوم والله تعالى أجاب عنه بحرف واحد وهو قوله “وأحل الله البيع وحرم الربا. انتهى”.[18]

ويمكن أن يضاف إلى شبهة القوم الذين يقولون “إنما البيع مثل الربا” قولهم: ”إن من له حاجة إلى سلعة معينة وليس عنده مال، يجوز له أن يشتريها مؤجلا بأكثر مما إذا كان نقدا؛ فهذه الزيادة جائزة عندكم فيجب أن يجوز له أن يستقرض مالا بمثل هذه الزيادة لمثل هذه المدة لأنه لا فرق  بينهما في العقل. وأنتم تجيزون دفع هذه الزيادة إلى البائع ولا تجيزون دفعها إلى المقرض.

قلنا :إن الله تعالى أخبر بسوء عاقبة القائلين بها بقوله “الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس. ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا (البقرة، 2/  275).

والفرق بين البيع والربا واضح. لأن الربا المحرم في هذه الآية هو الزيادة الحاصلة من الدين.

وأما الربح فهو زيادة حاصلة من البيع. والفرق بين البيع والدين ظاهر. وهذا يبين الفرق الأصلي بين البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية. فكسب البنك الإسلامي حاصل من البيع وكسب البنك التقليدي من الدين. والقوانين الخاصة بالبنوك التقليدية لا تسمح لها أن تقوم بالبيع والشراء في التمويل. والإسلام لا يسمح  بالانتفاع بالدين. لأن المفسدة الحاصلة من نفع الدين أغلب من المصلحة فيه. وكذلك إلزام المدين القادر المماطل بالتعويض عن الدين. فالمفسدة فيه أغلب من المصلحة التي ادعاها المجيزون. لأنه نفع جره دين وهو ربا محرم متفق على  تحريمه.

عقوبة المدين بتعويض الدائن عن ضرره مستدلا بالأحاديث النبوية

قال فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع في مقالته الطويلة في هذا الموضوع ملخصا:

“إن القول بضمان ما فات من منافع المال نتيجة مطل المدين أدائه لمستحقه قول يستند الى قواعد الشريعة وأصولها والنصوص الصريحة والواضحة في ذلك … وحبس المدين المماطل القادر على  الوفاء لا ينتفع به الدائن المظلوم بقدر انتفاعه من تعويضه عما حصل عليه من نقص وضرر إزاء مطله حقه والأخذ بالعقوبة المالية يوجد الردع والزجر واحترام الحقوق فيه..”[19] وجمع الشيخ معظم الأدلة المتعلقة بجواز الغرامة المالية ومن بينها حديثان يدلان على تمليك الغير فقط:

الأول منهما ما رواه أبو داود وغيره من أهل السنن عن النبي صلى الله عليه و سلم فيمن سرق من الثمر المعلق قبل أن يؤوَي إلى الجرين. فقال: من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خِـْبنة فلا شيء عليه. ومن خرج بشي منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة.[20]

والحديث الثاني وهو ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: ضالة الإبل  المكتومة غرامتها ومثلها معها.[21]

وإن هذين الحديثين لا يثبتان دعوى فضيلة الشيخ المنيع بل ينفيانها

لأن النبي صلى الله عليه و سلم حكم في الحديث الأول على السارق الذي خرج بشيء من الثمر المعلق بالسيئتين؛ بغرامة مثليه والعقوبة.

أما المثل الأول، فهو حق صاحب الثمر. و أما الثاني فهو جزاء سيئته. لأنه أخرج الثمر ليدخله في ملكه، فجزاء سيئته أن يعطي صاحب الثمر مثل ما أخذه منه ليدخله في ملكه، لأنه سيئة مثل سيئته. و هذه غرامة مالية. والمدين المماطل ما تملك الدين كله أو بضعه. فسيئته تأخير إيفاء حق الدائن فقط.

وأما العقوبة و هي التعزير، فلإتيانه بفعل محرم معاقب عليه وهو أخذ مال غيره عن طريق غير مشروع.

والحديث الثاني فيه حكم النبي صلى الله عليه و سلم على كاتم  ضالة الإبل بالعقوبة المالية فقط. لأنه أخذها ليدخلها في ملكه وجزاء سيئته أن يرد مثل ما كتمه من الضالة معها ليدخله صاحب الضالة في ملكه. والمدين المماطل ما أخذ شيئا من الدائن ليدخله في ملكه. وإن فعله عبارة عن تأخيره أداء الدين لا غير.

فهذه الأدلة وما شابهها وإن كانت دالة على جواز الغرامة المالية ولكنها لا مشابهة بينها وبين التأخير عن أداء الدين أصلا.

وأما دعوى حصول النقص والضرر إزاء مطل المدين حق الدائن فلا تقبل، لأن النقص والضرر ما نقص من مقدار رأس المال. ورأس المال هناك دين وما نقص منه شيء. وقد بينا بطلان هذه الدعوى في الفقرة أ.

وأما وجود الردع والزجر واحترام الحقوق في الأخذ بالغرامة المالية فمسلم بشرط المماثلة والموافقة بين فعل الجاني وما عوقب به. لأن الله تعالى قال في كتابه: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به و لئن صبرتم لهو خير للصابرين.( النح،16/ 126).

وقال تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها. فمن عفا وأصلح فأجره  على الله. إنه لا يحب الظالمين. (الشورى، 42/ 40) فالعقوبة بأكثر مما عاقب به ظلم. قال تعالى: ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا. (الفرقان، 25/  19).

وسيئة المدين المماطل القادر على الوفاء تأخيره إيفاء حق الدائن فقط دون تملكه كله أو بعضه.

ولا بأس بأن نشبه عمله بالغصب ولكن الدين لا يجوز الاعتياض عنه لأنه غير مستغلّ. فلا يجوز أن نجعله كالأعيان المغصوبة المستغلة. فالعين يجوز أخذ الأجرة بإيجارها. وأما الدين فلا يؤخذ منه أجر. وما أخذ مقابل منافع الدين ربا محرم، كما بيناه في الفقرة أ.

د ­ عقوبة المدين بتعويض الدائن مستدلا بالشرط الجزائي

واستدل فضيلة الشيخ عبد الله المنيع بالشرط الجزائي كدليل آخر له على جواز التعويض عن المنافع التي لم تكن محققة الوقوع كمنافع الديون المماطلة. وذكر فيه قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية. وهذا نصه: إن المجلس يقرر بالإجماع أن الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالالتزام الموجب له معتبر شرعا ،فيكون العذر مسقطا لوجوبه حتى يزول. وإذا كان الشرط الجزائي كثيرا عرفا بحيث يراد به التهديد المالي ويكون بعيدا عن مقتضى القواعد الشرعية فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة أو لحق من ضرر، ويرجع تقرير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر”.[22]

واستدل الشيخ المنيع لرأيه بما استدل به في هذا القرار من الكتاب والسنة وقول بعض الصحابة. أما الكتاب فقوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود” (المائدة، 5/ 1) وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه و سلم “المسلمون عند  شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا”[23] وقال عمر رضى الله عنه: “مقاطع الحقوق عند الشروط.”

وقال فضيلة الشيخ: “ومما تقدم يظهر لنا وجه القول بجواز الحكم على المماطل وهو قادر على الوفاء بضمان ما ينقص على الدائن بسبب مماطلته وليِّه. وإن تضمن عقد الالتزام بالحق شرطا جزائيا لقاء المماطلة والليِّ بقدر فوات المنفعة فهو شرط صحيح يجب الالتزام  به”.[24]

وأما ما نقص بسبب التضخم النقدي فلم يقصده الشيخ المنيع لأنه قال في مقالته:

“وبتأمل هذا يتضح أن الشرط الجزائي في مقابلة فوات منفعة غير محقق وقوعها، ولكن نظرا إلى أن المخالفة المترتبة على  تفويت فرصة اكتساب منفعة صارت أهم عائق لتفويتها اتجه القول بضمان هذه المنفعة وإن كانت مظنة الوقوع”.[25]

وهذا قياس مع الفارق، فلا حجة له في الشرط الجزائي. لأن هذا شرطا يحل حراما. لأن النفع الحاصل من الدين بالشرط الجزائي ربا محرم كما بيناه غير مرة لقوله تعالى: ”وأحل الله البيع وحرم الربا.” والحاصل من البيع هو الربح وأما الربا المحرم في هذه الآية فهو الزائد على الدين سواء أكان الدين قرضا أو ثمن بيع مؤجل أو أجرا مؤجلا أو قيمة مال مستهلك أو غير ذلك.

هـ. ­ عقوبة المدين بتعويض الدائن مستدلا ببيع العربون

واستدل به فضيلة الشيخ عبد الله المنيع كدليل آخر على جواز الحكم على المدين المماطل القادر على الوفاء بتعويض الدائن.

والعربون في البيع هو أن يشتري الرجل سلعة فيدفع إلى البائع درهما أو غيره على أنه إن أخذ السلعة احتسب من الثمن وإن لم يأخذها فذلك للبائع. قال أحمد: لا بأس به. وفعله عمر رضى الله عنه. وعن ابن عمر أنه أجازه. وقال ابن سيرين: لا بأس إذا كره السلعة أن يردها ويرد معها شيئا وقال أحمد: هذا في معناه”.[26]

وقال الشيخ المنيع: “وذلك في مقابلة حبس البائع المبيع حتى يقرر المشتري ما يراه من إمساك أو رد مدة خياره. ووجه استحقاق البائع للعربون في حال عدول المشتري عن الشراء أنه في مقابلة تفويت فرص بيع هذه السلعة بثمن قد يكون فيه غبطة ومصلحة للبائع حيث إنه باعها للمشترى بيعا معلقا يحتمل عدول المشتري عنه”.[27]

قلنا: إن هذا قياس مع الفارق، لأن مسألة العربون في ساحة البيع الذي أحله الله. ومسألة تعويض الدائن في ساحة الربا الذي حرمه الله. وعلاوة على ذلك أن العربون ليس في مقابلة حبس المشتري للمبيع ولا في مقابلة تفويت فرص بيع هذه السلعة. قال ابن قدامة في آخر الفصل في العربون:

“ولا يصح جعله عوضا عن انتظاره وتأخيره بيعه من أجله لأنه لو كان عوضا عن ذلك لما جاز جعله من الثمن في حال الشراء، ولأن الانتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه. ولو جازت لوجب أن يكون معلوم المقدار كما في الأجرة”.[28]

وصرف الحصيلة من عقوبة المدين بالتعويض في وجوه البر المشروع

أصدرت ندوة البركة السادسة للإقتصاد الإسلامي فتوى اشترطت فيها على البنك صرف الحصيلة من التعويض عن الدين في وجوه الخير. وهذا نصها:

“السؤال: هل يجوز اشتراط غرامة تأخير على المماطلين القادرين على السداد؟

الفتوى: يجوز اشتراط غرامة تأخير كرادع للمماطلين القادرين على السداد على أن تنفق حصيلة هذه الغرامات على وجوه الخير”.[29]

قلنا: إن ردع المدين القادر عن المماطلة وكفه عنها أمر مشروع لأنه منع من ظلمه. ويجب الوصول إليه بطريق مشروع. وإذا كان الطريق الموصل إلى ذلك الأمر غير مشروع كان الواصل ظالما. قال الراغب الأصفهاني في مفرداته: الظلم عند أهل اللغة وكثير من العلماء وضع الشيء في غير موضعه المختص به إما بنقصان أو زيادة و إما بعدول عن وقته أو مكانه”.[30]

ومنع الله تعالى الظلم في كثير من الآيات؛ منها قوله عز وجل: “وجزاء سيئة سيئة مثلها. فمن عفا و أصلح فأجره على الله إنه لايحب الظالمين. (الشورى، 42/ 40).

بينت الآية أن عدم المماثلة بين السيئتين ظلم. ولا مماثلة هنا بين فعل المدين المماطل وغرامة التأخير، فتكون هذه الغرامة ظلما. وصرف الحصيلة كلها إلى وجوه البر المشروع لا يدفع هذا الظلم. وقال النبي صلى الله عليه و سلم فيما رواه عنه أبو هريرة: يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا. وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين. فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. إني بما تعملون عليم. (المؤمنين، 23/ 51) “.[31]

وهنا سؤال يجب الرد عليه من القائلين بصرف ما أخذه الدائن من المدين في وجوه البر المشروع وهو: إن كان ما أخذه الدائن حلالا تملكه، فلم تلزمونه بصرفه في وجوه البر؟ وإلزامكم هذا يدل على حرمته. وإن كان حراما فلم تجيزون أخذه؟”

القسم الثالث: إحداث صيغة جديدة للبيع لحل مشكلة مماطلة المدين

يرى فضيلة الدكتور خير الدين قرمان وهو أستاذ الفقه الإسلامي في كلية إلالهيات (العلوم الشرعية) بجامعة مرمرة باسطنبول ما يلي:

البائع بالأجل في زماننا يقترح على المشتري آجالا مختلفة كشهر وشهرين وثلاثة أشهر إلخ.. ويعين لكل أجل ثمنا يزيد على السابق كإحدى عشرة واثنتي عشرة وثلاث عشرة ليرة إلخ. والمشتري يختار من بينها الأجل والثمن المناسب له كقبوله شراء السلعة بإحدى عشرة ليرة إلى شهر، وهذه هي الطريقة عند أهل التجارة.

وأرى أنه يجوز العقد بإيجاب فيه جدولة الأسعار التي يزيد فيها مقدار السعر مع زيادة الأجل وقبول المشتري كل طلبات البائع جملة. ويكتَب الصكُ للأجل الأول، فإذا دفع المشتري الثمن فيه دفع السعر الأول المكتوب في الصك. وإذا دفعه في الأجل الأخير دفع السعر الأخير الموجود في الجدولة. فإذا دفعه فيما بين هذين الأجلين دفع السعر المقرر له في الجدولة حيث لا غرر هنا ولا جهالة تفضي إلى النزاع، وكل ما دفعه المشتري هو ثمن المبيع، وليس غرامة ولا تعويضا لمطل المدين القادر على الوفاء.

إن الفقهاء جعلوا جهالة الثمن أو الأجل مفسدا للبيع، لأنها تفضي إلى النزاع ولكن هذه جهالة يسيرة لا تفضي إليه. ولأننا نجد من أصحاب التجارة من يتعامل بهذه الطريقة ولا يحدث أي نزاع بينهم، فإذا منعنا هذا جعلنا معظم أهل المصانع وتجار الجملة في ضيق وصعوبة. لأن المصنع مثلا يرسل ما طلبه التجار من ماله مع القائمة التي تبين الأسعار حسب تغير الآجال ويستلمها التجار مع المال بمعنى أنه اشتراه بأحد الأسعار المذكورة في هذه القائمة وهو مخير في اختيار واحد منها ولا خيار للبائع هنا. وإن المشتري يختار الثمن والأجل وفي أي أجل يختار فإنه يدفع ثمنا موافقا لهذا الأجل.

ووجدنا هنا شيئا قد يكون ذريعة للربا فألغيناه، وهو أن بعض المصانع يبين في الجدولة ثمن النقد ونسبة زيادة مقدار الدين مع زيادة الأجل، وهذا مثل الربا الذي يأتي الدائن عند حلول الأجل ويسأل المدين: أتقضي أم تؤخرني إلى أجل آخر وتزيدني على مالي عليك؟ وهو ربا الجاهلية. ونحن شرطنا أن تبين الأسعار المختلفة باختلاف الآجال بكل وضوح في الجدولة وتُسَد ولا تترك هي مفتوحة كي لا تفضي به إلى الربا. ولا أجد نصا مانعا لقولي هذا بل أجد أمامي مماطلة المدين القادر، وهو ظلم يجب دفعه. فأفتيت بصحة الصيغة الحديثة السابقة للبيع نسيئة لحاجة الناس إليه.[32]

قلنا إن هذا عقدان في عقد؛ الأول  عقد البيع والثاني عقد الربا. أما عقد البيع فقد انعقد بالثمن الأول الذي في الجدولة. لأن الإيجاب إذا وافق القبول انعقد البيع وهذا يكلف البائع دفع المال والمشتري دفع الثمن. وإن كان البيع نسيئة فلا يجب دفع الثمن حتى نهاية الأجل، لأن الثمن أصبح دينا على المشترى للبائع. والصك يكتب لتوثيقه. فلا يحتاج إلى أي جدولة أخرى بعده. و كتب على رأى فضيلته في الصك الثمن الأول الموجود في الجدولة.

وأما عقد الربا فهو اتفاق الطرفين على مقدار زائد على هذا الدين بمقابلة زيادة الأجل، وهو ربا الجاهلية. وهذا ما حرمه الكتاب والسنة. أما الكتاب فقوله تعالى: وأحل الله  البيع وحرم الربا (البقرة، 2/  275). والربا في هذه الآية هو الزائد على أصل الدين بزيادة الأجل. وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه و سلم :ألا إنما الربا في النسيئة.[33] ولأن الناس كانوا يتبايعون في الجاهلية إلى أجل، فإذا حل الأجل قال: أتقضي أم تربي؟ يعني أم تزيدني على مالي عليك وأصبر أجلا آخر.[34] وفي هذا العقد اتفاق على قدر الربا الذي يزيد على الدين مع زيادة الأجل.

وأما الجدولة التي يسميها فضيلة الدكتور قرامان جدولة الأسعار فليست إلا جدولة الدين الذي يزيد فيها مقدار الدين مع زيادة الأجل. والبنوك التقليدية تنسـِّق مثل هذه الجدولة التي فيها أصل الدين ومقدار الربا لكل فترة زمنية. فكلاهما جدولة الربا المحرم. ولا يؤثر فيه أن يكون الدين الأول ناشئا من البيع والثاني وهو دين البنك ناشئ من القرض.

وإن قال: إن الثمن كل ما قبله المشتري في صلب العقد مما أوجبه البائع من الأسعار المختلفة باختلاف الآجال جملة، ليس السعر الأول فقط؛ إلا أن المشتري مخير في اختيار واحد منها حتى نهاية الأجل الأخير، فدعوى الدين وزيادته مع زيادة الأجل باطلة.

قلنا: إن هذا قول يخالف العمل. لأن المشتري ما قبل إلا سعرا واحدا وهو السعر الأول المكتوب في الجدولة. ولذلك كتبه في الصك لتوثيق دينه للبائع.

ولو كان الثمن كل ما قبله المشترى في صلب العقد مما أوجبه البائع من الأسعار المختلفة باختلاف الآجال لكان مخالفا لما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: من باع بيعتين في بيعة فله أَوْكَسُهُمَا أو الربا.[35] وصورته أن يقول البائع للمشترى :بعتك هذا بألف نقدا أو بألفين إلى سنة فخذ بأيهما شئت ويقبل المشترى. لأنه بألف بيعة وبألفين بيعة ثانية. وفي قول فضيلة الدكتور خير الدين قرامان بيعة في بياعات عديدة. ونهى النبي صلى الله عليه و سلم عن بيعتين في بيعة فيما أخرجه عنه الترمذي وصححه.[36]

وأما ما صنعه بعض أهل التجارة من الذين يبيعون بضائع المصانع، من أن المصنع يرسل ما طلبه التجار من البضاعة مع القائمة التي تبين أسعارها حسب تغير الآجال، ويستلمها التجار مع البضاعة. فمعناه أنه اشتراها بأحد الأثمان المذكورة في القائمة وهو مخير في تعيين أحدها ولا خيار للبائع هنا. وهو لا يشبه ما قاله فضيلة الدكتور، لأن المشتري متى اختار سعرا منها تم العقد عليه وانتهى خياره وهذا يشبه خيار التعيين. والفقهاء لا يقبلونه في الثمن إلا الإمام مالك، إذا كان الخيار للطرفين لا لواحد منهما. وأما الأمر في قول الدكتور فلا ينتهي باختيار المشتري واحدا من الأسعار المطروحة في الجدولة. وإلا لما أمكن تقديم قوله مخلصا لمشكلة مماطلة المدين.

ويجب أن نذكر هنا قول الإمام مالك في كون المشتري مخيرا في تعيين الثمن:

سأل سحنون الإمام عبد الرحمن بن القاسم عن هذه المسألة فقال:

أرأيت لو جئت إلى رجل وعنده سلعة من السلع فقلت بكم تبيعها؟ قال: بالنقد بخمسين وبالنسيئة بمائة، فأردت أن آخذ السلعة بمائة نسيئة أو بخمسين نقدا أيجوز هذا في قول مالك؟

قال: قال مالك، إن كان البائع إن شاء أن يبيع باع وإن شاء أن يمسك أمسك، وإن شاء المشترى أن يأخذ أخذ وإن شاء أن يترك ترك فلا بأس بذلك. وإن كان إن شاء أحدهما أن يترك ترك وإن شاء أن يأخذ أخذ والآخر قد وجب عليه فلا خير فيه. وإن كان قد وجب عليهما جميعا فهو أيضا مكروه ولا خير فيه.[37]

قال ابن رشد الحفيد في قول مالك: وعلة امتناعه عند مالك سد الذريعة الموجبة للربا، لإمكان أن يكون الذي له الخيار قد اختار أولا إنفاذ العقد بأحد الثمنين المؤجل أو المعجل ثم بدا له ولم يظهر ذلك. فيكون قد ترك أحد الثمنين بالثاني فيدخله ثمن بثمن نسيئة أو نسيئة ومتفاضلا. انتهى.[38]

ومعظم أصحاب المصانع الذين يبيعون بضائعهم بالطريقة المذكورة آنفا لا يرون بأسا في الربا أخذا وإعطاءا والتجار لا يستطيعون تبديل طريقتهم فنفتيهم بالضرورة.

وعلاوة على هذا كله فإن قول فضيلة الدكتور خير الدين قرمان لا يحل مشكلة مماطلة المدين القادر. لأن المماطلة على هذا الرأي تبدأ بعد انتهاء الأجل الأخير. فلا نجد أي حل لهذه المشكلة بعده في رأيه.

القسم الرابع: وهو القول بأن عقوبة المدين بغرامة مالية ربا محرم

وقد صدرت هذه الفتوى من مجلس المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي وكانت جوابا للسؤال المطروح عليه من البنك الإسلامي في الأردن، وصورته ما يلي:

“إذا تأخر المدين عن سداد الدين في المدة المحددة، فهل للبنك الحق بأن يفرض على المدين غرامة مالية جزائية بنسبة معينة، بسبب التأخير عن السداد في الموعد المحدد بينهما؟”

بناء  على هذا أصدر  مجلسُ المجمع الفقهي قرارا بالإجماع وهو:

“إن الدائن إذا شرط على المدين أو فرض عليه أن يدفع له مبلغا من المال غرامة مالية جزائية محددة أو بنسبة معينة إذا تأخر عن السداد في الموعد المحدد بينهما فهو شرط أو فرض باطل،[39] ولا يجب الوفاء به، ولا يحل، سواء كان الشارط هو المصرف أو غيره، لأن هذا بعينه ربا الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه”.[40]

وهذا القرار موافق الكتاب والسنة لكنه لا يقترح أي حل للمشكلة.

النتيجة:

ويتضح مما بيناه آنفا أن حل مشكلة المدين المماطل القادر على الإيفاء لا يكون إلا بطريقة واحدة فقط. وهى معاقبته برد ما عليه من الدين ومثله معه ليتصرف فيه الدائن لمدة تماثل مدة مماطلته إياه. فهذه سيئة على المدين مثل سيئته وعقوبة مثل عقوبته التي قام بها على  الدائن.

وهذا موافق الكتاب والسنة كما بيناه في بداية هذه المقالة. ولتسهيل تطبيق هذه الفتوى يجوز اشتراط نسبة معينة من الدّين مدفوعة معه عند تأخر أدائه بدون عذر شرعي كشرط جزائي لمضي كل شهر، كاشتراط عشرين بالمائة من الدَّين عند مماطلته شهرا وثلاثين لشهرين وأربعين لثلاثة أشهر وخمسين بالمائة من الدَّين لأربعة أشهر مثلا. وبعد الحصول على هذا المال الزائد على الدَّين يتصرف فيه الدائن لمدة مماثلة بمماطلة المدين إياه، ويدفعه إليه عند نهايتها. فإذا ماطل المدين القادر شهرا واحدا فقط يأخذ منه الدائن دينه و عشرين بالمائة، وهو خمس دينه، ويتصرف فيه خمسة أضعاف مدة المماطلة، وهي خمسة أشهر. وإذا كانت المماطلة من المدين القادر أربعة أشهر يأخذ منه الدائن دينه ونصفه معه، ليتصرف فيه ثمانية أشهر. وهذا ليس إلا لتسهيل تطبيق هذا الأمر. وفي حالة تحقق ضرائب على تطبيق هذا الشرط الجزائي يتحملها المدين، لأنه هو المسبب لها. وكذلك التكاليف كلها في سبيل المماطلة لتحصيل حق الدائن في المحكمة وغيرها.

وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة

الموقع: حبل الله www.hablullah.com

المقالة جزء من كتاب التجارة والربا / أ.د عبد العزيز بايندر

 


[1]  أخرجه البخاري معلقا في كتاب الاستقراض في باب (13) لصاحب الحق مقال؛ وأبو داود في الأقضية في (29)  باب الحبس في دين وغيره عن الشريد عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مسندا رقم 3628؛ والنسائي عن الشريد بن سويد عن أبيه في البيوع في)100  ( باب مطل الغـني؛ وابن ماجة في الصدقات في (18)  باب الحبس في الدين رقم 2428؛ و احمد بن حنبل في حديث الشريد بن سويد الثقفي عن أبيه جـ  4، صـ 222.

[2]  النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، بتحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي مادة عرض.

[3]  أحكام القران، لابن العربي، في تفسير سورة البقرة، 2/  275؛ جـ 1، صـ 241، بتحقيق علي محي الدين البجاوي، تاريخ الطبع 1287هـ  1967 مـ.

[4]  أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه و سلم ، حديث 1905.

[5]  الخُـبْـنة ما يأخذه الرجل في ثوبه ليرفعه إلى فوق. ويقال للرجل إذا رفع ذيله في المشي: قد رفع خبنته.

[6]  أخرجه أبو داود في اللقطةرقم الحديث 1710.

[7] أخر جه أبو داود، في اللقطة، رقم الحديث 1718.

[8]  صحيح البخاري،  كتاب الاستقراض، في باب (13) لصاحب الحق مقال.

[9]  مسند أحمد بن حنبل في حديث الشريد بن سويد . جـ 4 صـ. 222.

[10]  سنن ابن ماجة، في الصدقات، في (18) باب الحبس في الدين، حديث 2427.

[11]  سنن أبي داود في الأقضية في (29) باب الحبس في الدين وغيره، رقم الحديث 2628.

[12]  الهداية شرح بداية المبتدي، لأبى الحسن على بن أبي بكر المرغيناني في كتاب الحجر في باب الحجر بسبب الدين، جـ 3، صـ. 285. طبع في استانبول، عام 1985م.

[13]  فتاوى ندوات البركة، جمع وتنسيق و فهرست عبد الستار أبو غدة و عز الدين خوجه، الطبعة الخامسة بجدة، 1417 هـ. 1997م، صـ 55. وشارك في هذه الندوة ثمانية من العلماء ووافق أربعة منهم على هذا الرأي. ومنهم مصطفي أحمد الزرقاء. وهو عرض بحثا في هذا الموضوع للندوة وجرى النقاش حوله. والموافقون على رأيه: ذكريا البري ومحمد الطيب النجار وحسن عبد الله الأمين، ووافقه الصديق محمد الأمين الضرير ببيان خاص فأصبح الموافقون خمسة. والذين لم يوافقوا على ما رأته الأغلبية هم: عبد العزيز بايندر(وهو مؤلف هذه المقالة) وعبد الستار أبو غدة وعبد الوهاب أبو سليمان.

[14]  تحفة المحتاج بشرح المنهاج لابن حجر الهيثمي في كتاب الغصب، جـ 6، صـ. 29-31.

[15]  مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل لأحمد عبد الله القاري، دراسة وتحقيق د.عبد الوهاب أبو سليمان و د. محمد إبراهيم أحمد علي؛ طبع في جدة،  عام 1401 هـ 1981 م. مادة: 1394 صـ  434.

[16]  فتاوى ندوات البركة صـ 55.

[17]  فتاوى ندوات البركة صـ 55 .

[18]  مفاتيح الغيب الشهير بالتفسير الكبير لفخر الدين الرازي، طبعه شركة صحافية عثمانية، جـ 2، صـ 534.

[19] بحوث في الاقتصاد الإسلامي لعبد الله بن سليمان المنيع، بيروت 1416هـ  ­1996م ، صـ 292 وما بعده.

[20]  أخرجه أبو داود في اللقطة، رقم الحديث 1710.

[21]  أخرجه أبو داود في اللقطة، رقم الحديث 1718.

[22]  قرار رقم 25، وتاريخ 21/ 8/ 1394هـ. وتمامه في بحوث في الإقتصاد الإسلامي لعبد الله المنيع، صـ. 409-412.

[23]  رواه الترمذي، وصححه في كتاب الأحكام،  باب 17.

[24]  بحوث في الإقتصاد الإسلامي لعبد الله المنيع، صـ. 414­415.

[25]  البحوث في الإقتصاد الإسلامي لعبد الله المنيع،  صـ. 412.

[26]  المغني لمحمد بن أحمد بن قدامة، فقرة رقم 3128، فصل في بيع العربون، جـ 4، صـ 312-313، الطبعة الأولى في بيروت، عام  1404 هـ/ 1984م.

[27]  البحوث في الإقتصاد الإسلامي لعبد الله المنيع، صـ 412.

[28]  المغني،  جـ 4، صـ312.

[29]  فتاوي ندوة البركة،  صـ91، رقم  6/ 8.

[30]  مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني بتحقيق صفوان عدنان داوودي، طبع في دمشق و بيروت عام 1412 هـ مادة ظلم، صـ527.

[31]  ­صحيح مسلم، كتاب الزكاة، رقم الحديث 65 (1015)

[32]  وهذا القول سمعته من لسان د.خير الدين قرمان وصححه فضيلته بعد ما كتبته إليه قبل نشره في هذه المقالة.

[33]  رواه مسلم في المساقات رقم الحديث 104 (1596).

[34]  أحكام القرآن لابن العربي في تفسير الآية 275 من سورة البقرة.

[35]  رواه أبو داود في البيوع في (55) باب فيمن باع بيعتين في بيعة، رقم الحديث 3461.

[36]  رواه الترمذي في البيوع (18).

[37]  المدونة الكبرى للإمام مالك بن أنس، رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن القاسم العتقي، طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323هـ  جـ 9، صـ151 في البيع بالثمن المجهول.

[38]  بداية المجتهد ونهاية المقتصد لأبى الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد الشهير بالحفيد،  ط. بمصر، مكتبة التجارية الكبرى، جـ 2، في الباب الثالث في البيوع المنهي عنها صـ 134.

[39]  هذه الكلمة قد كتبت في النسخة الموجودة عندي قرضا بالقاف والصواب أن تكتب فرضا بالفاء. ويتضح هذا بتأمل بسيط في الفتوى.

[40]  بحوث في الإقتصاد الإسلامي لعبد الله المنيع صـ 425-426.

التعليقات

  • حكم ألدين المعلق على رد الدائن وثائق مهمه وسريه أخفاها الدائن وحلف بعدم وجودها وقام باظهارها بعد خمس سنوات بعد تعليق الدين على استرداد المدين للوثائق

  • المماطلة في اداء الديون شائع ومنتشر مع الاسف وبالرغم من كون المدين موسرا الا انه يماطل وهو يعلم انه حرام. فعلا امر غريب

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.