حبل الله
الوساطة المالية

الوساطة المالية

الوساطة المالية

هناك من يملك نقودا مدخرة فيريد استثمارها على يد من يثق به. كما أن هناك من يستطيع القيام بالأعمال التجارية ولكن ليس معه نقود. وهذان الصنفان من الناس إما أنه لا يعرف بعضهم البعض أو يعرفون، ولكن لم تكن بينهم الثقة الكافية للقيام بمشروع تجاري مشترك. كما أن النقود المدخرة لا يستفاد منها بأي شكل من الأشكال. وهنا تكون الحاجة إلى طرف ثالث يضمن الثقة لكلا الطرفين العامل والمستثمر. وهذا الطرف الثالث يكون البنوك أو المؤسسات والتي تسمى بالوساطة المالية. والمعاملة التي يقوم بها الوسيط لا تخلو من أن  تكون معاملة ربوية أو لا.

الأول: الوساطة المالية الربوية

الوساطة المالية الربوية تقوم على مبدأ قرضي. ونعني بالقرض هنا الدين الربوي. والقرض الحسن هو الدين اللاربوي.

المصارف والمصرفيون يقومون بالوساطة المالية الربوية. ويقرض من الأموال التي قاموا بجمعها مقابل نسبة مئوية ربوية. ولا حق لأي طرف من الأطراف المعنية بالتدخل في مسألة الربح أو الضرر، لأن النظام مبني على القروض.

ويشترط في الحصول على القرض الربوي إبراز ضمانات. ولقلة من يستطيع إبراز الضمانات اللازمة للحصول على القرض يقل عدد من يقوم بهذا العمل، وهذا يؤدي إلى عدم التوازن في الأوساط السوقية. ولو أن مقدار النقود المتداولة مليار ليرة في منطقة يبلغ عدد سكانها 100.000، وقامت الوساطة المالية أي البنوك الربوية بسحب 300.000 منها، فينخفض مقدار النقود المتداولة 30%. ولو أقرضت تلك النقود إلى ألف شخص، والذين سيصبحون أصحاب تلك النقود مؤقتا، فإنهم  يتحكمون ب 30% من النقود المتداولة في الأسواق.

والقروض ليست من العوامل التي تؤدي إلى دخل اقتصادي. لأن الدخل الإقتصادي يتحقق باستخدام المال على شكل صحيح وفعال. ولا حق للدائن في قسم الدخل المحتمل لأنه لم يساهم في العمل ولم يتحمل تجاهه أي المسؤولية.

ومن المعروف أنه لا يمكن للناس أن ينتجوا نقودا، ولكنهم يقومون بانتاج السلع والبضائع، كما يمكن توفير العمل لتقليل نسبة البطالة. ويهدف الدائن من القرض الربوي الربح بدون أن يقوم بأي إنتاج. ومن الممكن أن ينتج بها أموالا كثيرة. ولكن وقبل سداد الدين يتم سحب النقود من الأسواق. وقلنا في المثال السابق إن مقدار القرض 300.000 ليرة، لو افترضنا نسبة الربا 10% ، فإنه يتم سحب 330.000 ليرة من الأسواق ، ولسد الفراغ الحاصل بسبب السحب يحتاج السوق إلى 330.000 ليرة. وحتى يتم إدخال 330.000 إلى الأسواق فإنه ربما تنشأ صدمة اقتصادية عند كثير من الناس وكذلك المؤسسات الإقتصادية، لأن عملية إخراج النقود إلى الأسواق تستغرق وقتا طويلا. وفي السنة التالية سيسحب من الأسواق 363 مليون ليرة، إذا كانت نسبة الربا ثابتة. وفي السنة الرابعة سيسحب 399.3 مليون ليرة، وفي السنة الخامسة 439.22 مليون ليرة، وفي السنة التاسعة حوالي 700 مليون ليرة ستسحب من الأسواق وتدخل إلى المصارف. ولا يوجد من يستقرص هذا المقدار الهائل من النقود. فيتم تحويل كمية كبيرة من النقود إلى مناطق أخرى، وهذا يؤدي إلى هجرة التجار كذلك إلى مناطق أخرى بحثا عن العمل.

ويكون تأثير الربا على الناس بزيادة الأسعار، لأن نسبة الربا المئوية تندرج في أسعار السلع. وتزيد الأسعار 15% إذا كانت نسبة الربا 10% ليتسنى للمدينين سد ديونهم.

لو أعطى الوسطاء  الماليين لأصحاب النقود 5% سيبلغ المودعات المقدره ب 300 مليون ليرة خلال 9 سنوات إلى 465 مليون ليرة.  وعلى هذا يظهر أن أصحاب المودعات قد ربحوا حولي 55% ومع ذلك فإن الخسارة أكثر من الربح. فزيادة الأسعار تستهلك رأس المال كما تستهلك الربح. وعلى سبيل المثال؛ الذي يودع 50 ليرة في المصرف حين كان سعر كغم السكر 50 قرشا، فإنه يتقاضى في نهاية الأجل 81.5 ليرة مع رأس المال. ولكن في هذه المدة من الممكن أن يرتفع سعر السكر إلى 175 قرشا. وقد كان يشتري قبل 9 سنوات 100 كغم من السكر بـ 50 ليرة. وهو الآن يشتري بـ 81.5 ليرة 47 كغم من السكر. وبهذا قد فقد من رأس ماله قيمة ما يقرب أكثر من 50% . أما الذي اكتنز النقود فإنه يفقد أكثر من ذاك المستثمر؛ فأصبحت هذه المنطقة كليمون قد عصر. وهكذا اليوم أكثر مناطق تركية، ولو أن المؤسسات الحكومية ترسل إليها النقود شهريا لأصبحت تلك المناطقة خالية من كل شيء. وهي تشبه الإنسان المريض يتنفس بأجهزة التفس الصناعية.  يقول النبي صلى الله عليه وسلم:

الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل. [1]

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.